[الآية العاشرة]
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)).
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) : الجنوح : الميل.
والسلم : الصلح.
وقد اختلف أهل العلم : هل هذه الآية منسوخة أم محكمة (١)؟ فقيل : هي منسوخة بقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٥] قاله ابن عباس.
وقيل : ليست بمنسوخة ؛ لأن المراد بها قبول الجزية ، وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم ، فتكون خاصة بأهل الكتاب. قاله مجاهد.
وقيل : إن المشركين إن دعوا إلى الصلح جاز أن يجابوا إليه ، وتمسك المانعون من مصالحة المشركين بقوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) [محمد : ٣٥] ، وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزة وقوة ؛ لا إذا لم يكونوا كذلك فهو جائز ؛ كما وقع منه صلىاللهعليهوآلهوسلم من مهادنة قريش ، وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك ، وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرر في مواطنه.
[الآية الحادية عشرة]
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)).
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) أوجب على الواحد أن يثبت لإثنين من الكفار.
قيل : في التنصيص على غلب المائة للمائتين ، والألف للألفين ، إنه بشارة للمسلمين بأن عساكر الإسلام سيجاوز عددها العشرات والمئات إلى الألوف.
__________________
(١) انظر : الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢ / ٢٣٢).