البقرة على قولين ، أصحهما أنه يطلق عليها ذلك شرعا كما صح في الحديث (١).
(جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) : أي أعلام دينه.
(لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) : أي منافع دينية ودنيوية.
(اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ) : أي على نحرها.
ومعنى (صَوافَ) : أنها قائمة قد صفنت قوائمها ؛ لأنها تنحر قائمة معقولة.
وأصل هذا الوصف في الخيل ، يقال : صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم وثنى الرابعة.
وقرأ الحسن والأعرج ومجاهد وزيد بن أسلم وأبو موسى الأشعري : صوافي : أي خوالص لله لا يشركون به في التسمية على نحرها أحدا (٢).
وواحد صواف صافة وهي قراءة الجمهور ، وواحد صوافي صافية.
وقرأ ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبو جفر محمد بن علي ، صوافن بالنون جمع صافنة : وهي التي قد رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب ؛ ومنه قوله تعالى : (الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١)).
(فَإِذا وَجَبَتْ) : الوجوب السقوط ، أي فإذا سقطت بعد نحرها.
(جُنُوبُها) : وذلك عند خروج روحها.
(فَكُلُوا مِنْها) : ذهب الجمهور إلى أن هذا الأمر للندب. وكذا قوله : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ). وبه قال مجاهد والنخعي وابن جرير وابن شريح (٣).
وقال الشافعي وجماعة : هو للوجوب.
واختلف في القانع من هو؟ فقيل : هو السائل. وقيل : هو المتعفف عن السؤال المستغني ببلغة. ذكر معناه الخليل ، وبالأول قال زيد بن أسلم وابنه وسعيد بن جبير والحسن ، وروي عن ابن عباس. وبالثاني قال عكرمة وقتادة.
__________________
(١) الذي رواه مسلم (٩ / ٦٧ ، ٦٨).
(٢) وهذه قراءة شاذة كما في «المحتسب» (٢ / ٨١) ، والقرطبي (١٢ / ٦١) ، والألوسي (١٧ / ١٥٦).
وقرأ ابن مسعود أيضا : صوافن وهي قراءة شاذة أيضا ، جمع : صافنة ، وهي التي غطت إحدى قوائمها ووقفت على ثلاث ، وانظر : المحتسب (٢ / ٨١) ، والألوسي (١٧ / ١٥٦).
(٣) انظر هذه الآثار في : الطبري (١٧ / ١٦٧) ، والدر المنثور (٤ / ٣٦٣).