سورة آل عمران (١)
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣))
(بِالْحَقِّ) بالصدق.
(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) يخبر عما قبله خبر صدق دال على إعجازه ، أو يخبر بصدق الأنبياء فيما أتوا به.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧))
__________________
(١) مقدمة للسورة الكريمة : سورة آل عمران من سور القرآن الكريم المدنية. ترتيبها في المصحف الشريف الثالثة. عدد آياتها مائتا آية. جاءت تسميتها آل عمران لورود ذكر قصة تلك الأسرة الفاضلة ((آل عمران)) وهو والد مريم أم عيسى ، وما تجلى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى ـ عليهماالسلام ـ.
وسورة آل عمران من السور العظيمة التي تعالج أمور التشريع ، وجاء في فضلها ما روي عن رسول الله قوله :((يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به ، وتقدمهم سورة البقرة وآل عمران)) أخرجه مسلم.
وسورة آل عمران من السور المدنية الطويلة ، وتناولت العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جلّ وعلا ، فقد جاءت الآيات الكريمة لإثبات الوحدانية والنبوة ، وإثبات صدق القرآن ، والردّ على الشبهات التي يثيرها أهل الكتاب حول الإسلام والقرآن وأمر محمد صلىاللهعليهوسلم. وتناولت جانب التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله ، وبعض الأحكام الشرعية كفرضية الحج والجهاد ، وأمور الربا ، وحكم مانع الزكاة ، وقد جاء الحديث بالإسهاب عن الغزوات كغزوة بدر وغزوة أحد ، والدروس التي تلقاها المؤمنون من تلك الغزوات ، وقد انتصروا في بدر وهزموا في أحد بسبب عصيانهم لأمر الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وسمعوا بعد الهزيمة من الكفار والمنافقين كثيرا من كلمات الشماتة والتخذيل.
وقد أفاضت السورة الحديث عن النصارى من أهل الكتاب الذين جادلوا في شأن المسيح ، وزعموا ألوهيته ، وكذبوا برسالة محمد ، وأنكروا القرآن ، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من نصف السورة الكريمة ، وكان فيها الردّ على الشبهات التي أثاروها بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة ، وجاء ضمن هذا الرد الحاسم بعض الإشارات والتقريعات لليهود ، والتحذير للمسلمين من كيد ودسائس أهل الكتاب. وختمت بتلك الوصية الفذة الجامعة في فضل الجهاد والمجاهدين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آل عمران : ٢٠٠].