المشتري محب لما يشتريه ، إذ لم يكونوا قبل ذلك مؤمنين ، أو أخذوا الكفر وتركوا الإيمان.
(فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) في اشتراء الضلالة ، أو ما اهتدوا إلى تجارة المؤمنين ، أو نفى عنهم الربح والاهتداء جميعا ، لأن التاجر قد لا يربح مع أنه على هدى في تجارته ، فلذلك أبلغ في ذمهم.
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧))
(اسْتَوْقَدَ) أوقد ، أو طلب ذلك من غيره للاستضاءة.
(أَضاءَتْ) ضاءت النار في نفسها ، وأضاءت ما حولها. قال :
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم |
|
دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه |
(بِنُورِهِمْ) أي : المستوقد ، لأنه في معنى الجمع ، أو بنور المنافق عند الجمهور ، فيذهب في الآخرة فيكون ذهابه سمة يعرفون بها ، أو ذهب ما أظهروه للنبي صلىاللهعليهوسلم من الإسلام.
(فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) لم يأتهم بضياء يبصرون به ، أو لم يخرجهم من الظلمات ، وحصول الظلمة بعد ضياء أبلغ ، لأن من صار في ظلمة بعد ضياء أقل إبصارا ممن لم يزل فيها ، ثم الضياء دخولهم في الإسلام ، والظلمة خروجهم منه ، أو الضياء تعززهم بأنهم في عداد المسلمين ، والظلمة زواله عنهم في الآخرة.
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨))
(صُمٌّ) أصل الصم : الانسداد ، قناة صماء أي غير مجوفة ، وصممت القارورة سددتها ، فالأصم : المسند خروق المسامع.
(بُكْمٌ) البكم : آفة في اللسان تمنع معها اعتماده على مواضع الحروف ، أو الأبكم الذي يولد أخرس ، أو المسلوب الفؤاد الذي لا يعي شيئا ولا يفهمه ، أو الذي جمع الخرس ، وذهاب الفؤاد ، صموا عن سماع الحق ، فلم يتكلموا به ، ولم يبصروه ، فهم لا يرجعون إلى الإسلام.
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩))
(كَصَيِّبٍ) الصيب : المطر ، أو السحاب.
«الرعد» ملك ينعق بالغيث نعيق الراعي بالغنم ، سمى ذلك الصوت باسمه ، أو ريح تختنق تحت السماء قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، أو اصطكاك الأجرم.
«البرق» ضرب الملك الذي هو الرعد السحاب بمخراق من حديد قاله علي رضي