ثالثا : الدليل الدال على إرادته. ومثال التأويل والتفسير في قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) [الروم : ١٩] ، إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيرا ، وإن أراد إخراج المؤمن من الكافر ، أو العالم من الجاهل : كان تأويلا.
أقسام التفسير (١) :
١ ـ التفسير بالمأثور : يشمل بالمأثور ما كان تفسيرا للقرآن بالقرآن ، وما كان تفسيرا للقرآن بالسنة ، وما كان تفسيرا للقرآن بالموقوف على الصحابة أو المروي عن التابعين.
وما روي عن التابعين يعتبر من المأثور بدون النظر إلى الخلاف حوله مؤداه : هل هو من قبيل المأثور؟ أو من قبيل الرأي؟
فإننا نجد كتب التفسير بالمأثور كتفسير ابن جرير وغيره لم تقتصر على ذكر ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وما روي عن أصحابه ، بل ضمت إلى ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير.
وقد وجد من التابعين من تصدى للتفسير ، فروى ما تجمع لديهم من ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعن الصحابة ، وزاد على ذلك من القول بالرأي والاجتهاد بمقدار ما زاد من الغموض الذي كان يتزايد كلما بعد الناس عن عصر النبي صلىاللهعليهوسلم والصحابة.
ثم جاءت الطبقة التي تلي التابعين ، وروت عنهم ما قالوه ، وزادوا عليه بمقدار ما زاد من غموض سببه بعد الزمن أيضا ، وهكذا ظل التفسير يتضخم طبقة بعد طبقة. وتروي الطبقة التالية ما كان عند الطبقات التي سبقتها كما أشير إلى ذلك فيما سبق.
ثم ابتدأ دور التدوين فكان أول ما دون من التفسير هو التفسير بالمأثور ، على تدرج في التدوين كذلك ، فكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الأول في هذا ، وكان أصحاب مبادئ العلوم حين ينسبون ـ على عادتهم ـ وضع كل علم لشخص بعينه ، يعدون واضع التفسير بالمأثور بمعنى جامعه لا مدونه.
ولم يكن التفسير إلى هذا الوقت قد اتخذ شكلا منظما ، ولم يفرد بالتدوين ، بل كان يكتب على أنه باب من أبواب الحديث المختلفة ، يجمعون به ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن الصحابة والتابعين.
ثم بعد ذلك انفصل التفسير عن الحديث ، وأفرد بتأليف خاص ، فكان أول ما عرف لنا من ذلك ، تلك الصحيفة التي رواها علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
ثم وجد من ذلك جزء أو أجزاء دونت في التفسير خاصة ، مثل ذلك الجزء المنسوب
__________________
(١) انظر : مناهل العرفان (٢ / ١٠ وما بعدها).