سورة النور (١)
(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور : ١].
(وَفَرَضْناها) مخففا قدّرنا فيها الحدود ، أو فرضنا فيها إباحة الحلال وحظر الحرام ، وبالتشديد بيّناها ، أو كثّرنا ما فرض من الحلال والحرام.
(آياتٍ بَيِّناتٍ) حججا دالة على التوحيد ووجوب الطاعة ، أو الحدود والأحكام.
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور : ٢].
(الزَّانِيَةُ) بدأ بها لأن شهوتها أغلب وزناها أعرّ ولأجل الحبل أضر.
(فَاجْلِدُوا) أخذ الجلد من وصول الضرب إلى الجلد ، وهو أكبر حدود الجلد ؛ لأن الزنا أعظم من القذف ، وزادت السنة التغريب وحد المحصن بالسنة بيانا لقوله (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) [النساء : ١٥] أو ابتداء فرض.
(فِي دِينِ اللهِ) في طاعته.
(رَأْفَةٌ) رحمة نهى عن آثارها من تخفيف الضرب إذ لا صنع للمخلوق في الرحمة.
(تُؤْمِنُونَ) تطيعونه طاعة المؤمنين. (عَذابَهُما) حدهما.
(طائِفَةٌ) أربعة فما زاد أو ثلاثة ، أو اثنان ، أو واحد ، وذلك للزيادة في نكاله.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور : ٣].
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ) خاصة برجل استأذن الرسول صلىاللهعليهوسلم في نكاح أم مهزول كانت بغيّا في الجاهلية من ذوات الرايات وشرطت له أن تنفق عليه فنزلت فيهما ، قاله ابن عمرو ومجاهد رحمهماالله تعالى ، أو في أهل الصّفّة من المهاجرين ، كان في المدينة بغايا معلنات بالفجور فهموا بنكاحهن ليأووا إلى مساكنهن وينالوا من طعامهن وكسوتهن وكن مخاصيب الرحال بالكسوة والطعام ، أو الزانية لا يزني بها إلا زان والزاني لا يزني إلا بزانية ، أو الزانية
__________________
(١) سميت سورة النور لما فيها من إشعاعات النور الرباني بتشريع الأحكام والآداب والفضائل الإنسانية التي هي قبس من نور الله على عباده وفيض من فيوضات رحمته وجوده الله نور السموات والأرض اللهم نوّر قلوبنا بنور كتابك المبين يا رب العالمين ، وهي سورة مدنية ، وقد نزلت بعد سورة الحشر ، وقد تناولت السورة الأحكام التشريعية واهتمت بأمور التشريع والتوجيه والأخلاق وتهتم بالقضايا العامة والخاصة التي ينبغي أن يربّى عليها المسلمون أفرادا وجماعات وقد اشتملت هذه السورة على أحكام هامة وتوجيهات عامة تتعلق بالأسرة التي هي النواة الأولى لبناء المجتمع الأكبر.