كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسّلام فخلفهم من أخذ في العبادة مأخذهم فصوروا صورهم ليذكروا بها اجتهادهم فعبدها قوم نوح بعدهم ثم انتقلت إلى العرب فعبدها ولد إسماعيل فكان ود لكلب بدومة الجندل وهو أول صنم معبود سمي بذلك لودهم له وسواع لهذيل بساحل البحر ويغوث لغطيف من مراد أو حي في نجران قال أبو عثمان النهدي : رأيت يغوث وكان من رصاص وكانوا يحملونه على جمل أحرد ويسيرون معه لا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك فإذا برك قالوا : قد رضي لكم المنزل فيضربون عليه بناء وينزلون حوله ويعوق لهمدان ونسر لذي الكلاع من حمير.
(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) [نوح : ٢٤].
(وَقَدْ أَضَلُّوا) أضل أكابرهم أصاغرهم أو ضل بالأصنام كثير منهم. (ضَلالاً) عذابا ويحتمل فتنة بالمال والولد.
(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح : ٢٦].
(دَيَّاراً) أحدا أو من يسكن الديار دعا بذلك لما قيل له (لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ.)
الآية [هود : ٣٦] أو مر به رجل يحمل ولدا له صغيرا فقال : يا بني احذر هذا فإنه يضلك فقال : يا أبت أنزلني فأنزله فرماه فشجه فغضب نوح عليه الصلاة السّلام ودعا عليهم.
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) [نوح : ٢٨].
(وَلِوالِدَيَّ) أراد أباه لمكا وأمه هنجل وكانا مؤمنين أو أباه وجدّه. (دَخَلَ بَيْتِيَ) دخل مسجدي أو في ديني أو صديقي الداخل إلى منزلي. (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) من قومه أو جميع الخلق إلى قيام الساعة. (تَباراً) هلاكا أو خسارا.
سورة الجن (١)
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) [الجن : ١].
(اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) القرآن صرفهم الله تعالى إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم لسماع القرآن أو
__________________
(١) سورة الجن سميت بهذا الاسم لأنها ذكر فيها أوصاف الجن وأحوالهم وطوائفهم وأيضا سورة قل أوحي إلىّ ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة الأعراف ، وتعالج السورة أصول العقيدة الإسلامية الوحدانية ، الرسالة ، البعث ، والجزاء ومحور السورة يدور حول الجن وما يتعلق بهم من أمور خاصة ، بدءا من استماعهم للقرآن إلى دخلوهم في الإيمان ، وقد تناولت السورة بعض الأنباء العجيبة الخاصة بهم : كاستراقهم للسمع ، ورميهم بالشهب المحرقة ، وإطلاعهم على بعض الأسرار الغيبية ، إلى غير ذلك من الأخبار المثيرة.