سورة قريش (١)
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) [قريش : ١].
(لِإِيلافِ) مأخوذ من ألف يألف وهي العادة المألوفة لإيلاف نعمتي على قريش لأن نعمته إلفة لهم أو لإيلاف الله تعالى لهم لأنه آلفهم إيلافا قاله الخليل أو يلافهم حرمي وقيامهم ببيتي أو لإيلافهم الرحلتين واللام معلقة بقوله (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ) [الفيل : ٥] أي ليلافهم أهلك أصحاب الفيل وكان عمر وأبي رضي الله تعالى عنهما يريانهما سورة واحدة لا يفصلان بينهما أو اللام متعلقة بقوله تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) أي لنعمتي عليهم فليعبدوا قاله أهل البصرة.
(قُرَيْشٍ) بنو النضر بن كنانة على المشهور أو بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وكانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم قصي بن كلاب في الحرم فاتخذوه مسكنا قال الشاعر :
أبونا قصي كان يدعى مجمعا |
|
به جمع الله القبائل من فهر |
فسموا قريشا لاجتماعهم بعد الفرقة والتقريش الجمع أو كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم والتقريش الكسب أو كانوا يفتشون الحاج عن ذي الخلة فيسدون خلته والقرش الفتش أو قريش اسم دابة في البحر سميت بها قريش لأنها تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى قال الشاعر معنى ذلك :
قريش هي التي تسكن البحر |
|
بها سميت قريش قريشا |
(إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) [قريش : ٢].
(رِحْلَةَ الشِّتاءِ) الرحلة : السفرة لما فيها من الارتحال كانوا يرتحلونهما للتجارة والكسب. والرحلتان إلى فلسطين رحلة الشتاء في البحر وأيلة طلبا للدفء ورحلة الصيف على بصرى وأذرعات طلبا للهواء أو رحلة الشتاء إلى اليمن لأنها حامية ورحلة الصيف إلى الشام لأنها باردة منّ عليهم بذلك لأنهم كانوا يسافرون في العرب آمنين لكونهم أهل الحرم أو لأنهم يكسبون فيتوسعون ويصلون ويطعمون أو أراد بالرحلتين أنهم كانوا يشتون بمكة لدفاءتها ويصيفون بالطائف لهوائها قال الشاعر :
__________________
(١) سورة قريش سورة مكية ، نزلت بعد سورة التين ، ويدور محور السّورة حول نعم الله الجليلة على أهل مكّة ، حيث كانت لهم رحلتان : رحلة في الشّتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصّيف إلى الشّام من أجل التّجارة ، وقد أكرم الله تعالى قريشا بنعمتين عظيمتين من نعمه الكثيرة هما : نعمة الأمن والاستقرار ، ونعمة الغنى واليسر فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.