(النَّفَّاثاتِ) السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر وربما فعل في الرقي مثل ذلك طلبا للشفاء والنفث النفخ في العقد بغير ريق والتفل النفخ فيها بريق وأثره تخييل للأذى والمرض أو يمرض ويؤذي لعارض ينفصل فيتصل بالمسحور فيؤثر فيه كتأثير العين وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له مثله أو قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن يمتحن الله تعالى به بعض عباده والأكثرون على أن الرسول صلىاللهعليهوسلم سحر واستخرج وترا فيه إحدى عشرة عقدة فأمر بحلها فكانت كلما حلت عقدة وجد راحة حتى حلت العقد كلها فكأنما أنشط من عقال فنزلت المعوذتان إحدى عشرة آية بعدد العقد وأمر أن يتعوذ بهما ومنع آخرون من تأثير السحر في الرسول صلىاللهعليهوسلم وإن جاز في غيره لما في استمراره من خبل العقل ولإنكار الله تعالى على من قال : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) [الإسراء : ٤٧].
(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) [الفلق : ٥].
(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ) من شر نفسه وعينه أن يصيب بها أو لأن حسده يحمله على الأذى والحسد : تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم تصر للحاسد والمنافسة تمني مثلها فالمؤمن يغبط والمنافق يحسد.
سورة الناس (١)
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) [الناس : ١].
(بِرَبِّ النَّاسِ) لما أمر بالاستعاذة من شرهم أخبر أنه هو الذي يعيذ منهم.
(مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) [الناس : ٤].
(الْوَسْواسِ) وسوسة الإنسان التي تحدث بها نفسه وقد تجاوز الله عنها والشيطان جاثم على قلب ابن آدم إذا سها وغفل وسوس وإذا ذكر الله تعالى خنس.
(الْخَنَّاسِ) الشيطان لكثرة اختفائه كقوله (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) [التكوير : ١٥] أي النجوم لاختفائها أو لأنه يرجع بالوسوسة عن الهدى أو يخرج بالوسوسة عن اليقين.
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) [الناس : ٥].
(يُوَسْوِسُ) يدعو إلى طاعته بما يصل إلى القلب من قول متخيل أو يقع في النفس من أمر متوهم وأصله الصوت الخفي.
__________________
(١) سورة الناس سورة مكية ، ويدور محور السّورة حول الاستجارة والاحتماء بربّ الأرباب من شرّ أعدى الأعداء إبليس وأعوانه من شياطين الإنس والجنّ ، الّذين يغوون النّاس بأنواع الوسوسة والإغواء.