سورة الروم (١)
(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ١ ـ ٣]
كان المسلمون يؤثرون ظهور الروم على فارس لأنهم أهل كتاب ، وآثر المشركون ظهور فارس على الروم لأنهم أهل أوثان فلما غلبت فارس سرّ المشركون وقالوا للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تغلبونا لأنكم أهل كتاب وقد غلبت فارس الروم وهم أهل كتاب وكان آخر فتوح كسرى فتح فيه القسطنطينية بنى فيها بيت النار فبلغ الرسول صلىاللهعليهوسلم فساءه ذلك فنزلت هاتان الآيتان فبادر أبو بكر رضي الله عنه فأخبر المشركين بذلك فاقتمر المسلمون والكفار على أنهم يغلبون إلى ثلاث سنين ، أو خمس سنين ، أو سبع سنين. قامر عن المسلمين أبو بكر رضي الله تعالى عنه. وعن المشركين أبو سفيان بن حرب ، أو أبي بن خلف وذلك قبل تحريم القمار وكان العوض خمس قلائص ، أو سبع قلائص فلما علم الرسول صلىاللهعليهوسلم أن أبا بكر قدر المدة أمره أن يزيد في الخطر فزاد قلوصين وازداد سنتين وكانت الزيادة بعد انقضاء الأجل الأول قبل الغلبة ، أو قبل انقضاء الأجل الأول. وغلبت الروم فارس عام بدر في يوم بدر ، أو قبل الهجرة بسنتين ، أو عام الحديبية.
(أَدْنَى الْأَرْضِ) أدنى أرض فارس ، أو أدنى أرض الروم عند الجمهور بأطراف الشام ، أو أذرعات الشام كانت بها الوقعة ، أو الجزيرة أقرب أرض الروم إلى فارس ، أو الأردن وفلسطين.
(فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم : ٤ ـ ٥].
(بِضْعِ) ما بين الثلاث إلى العشر. مأثور ، أو ما بين العقدين من الواحد إلى العشرة. قاله بعض أهل اللغة ، فيكون من الثاني إلى التاسع ، أو ما بين الثلاث والتسع. والنّيف ما بين الواحد إلى التسعة ، أو ما بين الواحد والثلاثة عند الجمهور.
(مِنْ قَبْلُ) ما غلبت الروم.
(وَمِنْ بَعْدُ) ما غلبت ، أو قبل دولة فارس على الروم وبعد دولة الروم على فارس.
(يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) جاءهم الخبر بهلاك كسرى يوم الحديبية ففرحوا.
__________________
(١) سميت سورة الروم لذكر تلك المعجزة الباهرة التي تدل على صدق أنباء القرآن العظيم وهي بعض معجزاته صلىاللهعليهوسلم ، وهي سورة مكية ما عدا الآية (١٧) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة الانشقاق ، وسورة الروم تتلخص أهدافها في معالجة قضايا العقيدة الإسلامية في إطارها العام وميدانها الفسيح الإيمان بالوحدانية وبالرسالة وبالبعث والجزاء.