سورة الحجر
معنى السورة : الحجر : هو حجر الكعبة المشرّفة .. وهو ما حواه الحطم المدار بالبيت الحرام .. ويسمّى «الحجر» أيضا : العقل .. لأنه يحجر أيضا : العقل .. لأنه يحجر عن التهافت فيما مضى أو فيما لا ينبغي كما سمّي عقلا ونهية لأنه يعقل وينهى. و «الحجر» كذلك : هو واد بين المدينة والشام وجاء بمعنى «العقل» في قوله تعالى في سورة «الفجر» : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) : وجاءت «ذي» مجرورة على الإضافة وعلامة جرها الياء لأنها من الأسماء الخمسة. وقال الفراء : ويقال : إنّه لذو حجر «بكسر الحاء أيضا» : إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها. وجاءت «ذو» هنا في حالة الرفع ـ من الأسماء الخمسة ـ يرفع بالواو وسبب رفعه كونه خبر إنّ.
تسمية السورة : وردت هذه اللفظة في الآية الكريمة الثمانين في سورة سميت بها .. قال تعالى : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) (٨٠) أي كذّب الرسل أصحاب الحجر وهم ثمود .. والتكذيب لصالح ـ عليهالسلام ـ والتعبير بالرسل عن الرسول ؛ لأن تكذيب رسول هو تكذيب لباقي الرسل. وأصحاب الحجر : هم قوم صالح وهي منازل ثمود ناحية الشام عند وادي القرى كانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين فيها فأهلكتهم الصيحة فما نفعهم ما كانوا يكسبون. وأكّدت لفظة «حجر» بلفظة «محجور» في سورة «الفرقان» في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) (٥٣) صدق الله العظيم. وقوله «حجرا محجورا» واقع على سبيل المجاز كأنّ كلّ واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه ويقول له : حجرا محجورا .. وهو من أحسن الاستعارات. و «حجرا محجورا» ذكره سيبويه في باب المصادر غير المنصرفة المنصوبة بأفعال متروك إظهارها .. نحو : معاذ الله .. وقعدك الله .. وعمرك الله .. وهذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند لقاء عدو موتور ـ أي لم يأخذ ثأرا ـ أو هجوم نازلة أو نحو ذلك يضعونها موضع الاستعاذة. قال سيبويه : ويقول الرجل للرجل : أتفعل كذا وكذا فيقول : حجرا أي سأل الله أن يمنعه منعا.