** (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الرابعة والأربعين.. و «العمر» هو الحياة وما طال منها.. ويلفظ بضم العين والميم وبتسكين الميم أيضا تخفيفا وفعله : عمر ـ يعمر ـ من باب «تعب» عمرا ـ بفتح العين وضمها : بمعنى : طال عمره فهو عامر ـ اسم فاعل ـ وبه سمّي تفاؤلا وبالمضارع ومنه يحيى بن يعمر. ويتعدى الفعل بالحركة والتضعيف فيقال عمره الله ـ يعمره ـ من باب «قتل» وعمّره تعميرا : أي أطال عمره. وعمر المنزل بأهله.. يعمر ـ عمرا.. من باب «قتل» فهو عامر وعمره أهله : أي سكنوه وأقاموا به ويتعدى الفعل ولا يتعدى.. وعمرت الدار عمرا : بمعنى : بنيتها والاسم ـ العمارة ـ بكسر العين ـ والعمارة : هي أيضا القبيلة العظيمة والكسر فيها أكثر من الفتح أمّا «عمارة» بضم العين فهو اسم رجل والعمران اسم للبنيان. ويأتي الاسم «عمر» بضم العين وفتح الميم معدولا عن اسم الفاعل «عامر» ولهذا يمنع من الصرف. و «العمران» هما أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ وقال قتادة هما عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وفي قولنا : كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أحد الخلفاء الراشدين.. تكون كلمة «عمر» تابعة و «أمير» متبوعا. والاتباع هنا بلا وساطة بين المتبوع والتابع والأول منهما ممهّد لمجيء الثاني ويكون الثاني تفسيرا للأول لإبهامه لأنه لقب الخلفاء المسلمين جميعهم.. لذا كان ذكر عمر بن الخطاب أمرا ضروريا لإزالة الإبهام ولهذا أمكن الاستغناء باسم الثاني عن ذكر الاسم الأول لأهميته وإذا أعيد النظر في كلمة «عمر» وجد أنها تطابق كلمة «الأمير» أي إنّها مساوية لها لأن أمير المؤمنين هو عمر بن الخطاب لذلك سمّي والبدل هنا بالبدل المطابق أو بدل كلّ من كلّ ويمكن أن يقال مثل ذلك في لفظة «ابن» فهي بدل من لفظة «عمر» وهي بدل كل من كل. ويمكن أن تعرب صفة ـ نعتا ـ لما قبلها أيضا. قال الشاعر جرير بن عطية :
فما كعب ابن مامة وابن سعدي |
|
بأجود منك يا عمر الجوادا |
هذا البيت يمدح به الشاعر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان. و «كعب بن مامة» هو رجل من إياد يضرب به المثل في الكرم والإيثار على النفس أمّا «ابن سعدي» فهو أوس بن حارثة الطائيّ أحد المشهورين بالجود والكرم.
** (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السادسة والأربعين المعنى : لو مستهم قطعة من عذاب الله.. أي أدنى شيء أو قدر ضئيل. وأصل «النفح» هو هبوب رائحة الشيء.. وفعله : نفح ـ ينفح نفحا.. الهواء.. أي هبّ وفعله من باب «نفع» وهذا له نفحة طيبة.. أي فوح.. قال الأصمعيّ : ما كان من الرياح له نفح فهو برد وما كان له لفح فهو حرّ ويقال : أصابته نفحة من العذاب : أي قطعة منه.
** (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) : هذا القول الكريم ورد في بداية الآية الكريمة السابعة والأربعين.. بمعنى : ونضع الموازين العادلة أو العدل وقد جاء النعت «القسط» مفردا والمنعوت «الموازين» جمعا لأنه مصدر يستوي فيه المفرد والجمع ويجوز أن يكون التقدير ذوات القسط.. فحذف المضاف «ذوات» وأقيم المضاف إليه «القسط» مقامه. وليوم القيامة بتقدير : لأهل يوم القيامة أي لأجلهم فحذف المضاف «أهل» وحلّ المضاف إليه «القيامة» محلّه.
** (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) : في هذا القول الكريم يكون الضمير «ها» عائدا على «مثقال» وأنّث ضمير المثقال لإضافته إلى الحبة وحذف مفعول اسم الفاعل «حاسبين» اختصارا. التقدير والمعنى : محصين كل شيء من أعمال العباد.