الراحة : مؤنث «الراح» وهي باطن اليد أو الأكف .. و«المهاوي» : جمع «مهوى» و«مهواة» وهي الوهدة «أي الهوة» العميقة .. وتعني أيضا : الفراغ بني الجبلين .. يقال : تهاوى القوم في المهواة : أي سقط بعضهم في إثر بعض. أما «الردى» فهو الهلاك و«العدا» : هم الأعداء .. يقال : قتلت جماعة من الأعداء .. ولا يقال : قتل عدد منهم لأن العدد لا يقتل ولأن استعماله بكثرة غير وارد في هذا التعبير .. ويقال : هذا أعدى الأعداء : أي هو العدو المداجي الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي.
** (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثمانين .. المعنى : واجعل لي حسن صيت وسمعة أو حسن ذكرى بين الناس وأصله : في الناس الآخرين أو في الأقوام الآخرين .. فحذف الموصوف «الناس .. الأقوام» اختصارا وحلت الصفة «الآخرين» محله بمعنى الذين يتعاقبون إلى آخر الدهر .. وعبر عن حسن الصيت به أي باللسان لأنه آلته .. وضربت الأمثال الكثيرة عن اللسان .. قال الحكيم علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ : ما هلك امرؤ عرف قدر نفسه والمرء مخبوء تحت لسانه. بمعنى متى ما نطق عرف .. وهذا القول هو إحدى حكم الحكيم العشرين.
** (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التسعين .. و«المتقين» جمع المتقي وهو اسم فاعل للفعل المتعدي «اتقى» واسم الفاعل يعمل عمل فعله وقد حذف مفعول اسم الفاعلين ـ هنا اختصارا لأنه معلوم. المعنى : وقربت الجنة ليراها المتقون العذاب بالطاعة وهم واقفون للحساب فيستبشروا .. يقال : أزلف ـ يزلف ـ إزلافا : أي قرب وأزلفه : بمعنى : قربه فازدلف والأصل : ازتلف فأبدل من التاء دال ومنه «مزدلفة» لاقترابها إلى عرفات وأزلفت الشيء بمعنى : جمعته. وقال الفيومي : وقيل : سميت مزدلفة من هذا لاجتماع الناس بها وهي اسم علم على البقعة لا يدخلها ألف ولام إلا لمحا للصفة في الأصل كدخولها في كلمتي «الحسن» و«العباس».
** (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والتسعين .. المعنى وقربت النار يوم القيامة ـ يوم الحساب ـ الجنة للمتقين ليروها باستبشار وكشفت النار ليراها الضالون .. وقيل : لما نزلت الآية الكريمة من سورة «الفجر» : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) كقوله تعالى : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) يروى أنه لما نزلت هاتان الآيتان الكريمتان تغير وجه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه فأخبروا عليا ـ رضي الله عنه ـ فجاء فاحتضنه من خلفه وقبله بين عاتقيه ثم قال : يا نبي الله بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم؟ وما الذي غيرك؟ فتلا عليه الآية .. فقال علي له : كيف يجاء بها؟ قال : «يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت الجمع «أهل الجمع» أي يتذكر ما فرط فيه ويتعظ» ووردت آيات في القرآن الكريم تتحدث عن بروز جهنم .. ومجيء جهنم .. وسؤال جهنم وجوابها ودعائها للكفار إلى نفسها بصوت عال وقولها : هل من مزيد .. هذه كلها ـ كما قال الزمخشري ـ من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب وتثبيته .. وفيه معنيان : أحدهما : أنها تمتلئ مع اتساعها وتباعد حتى لا يسعها شيء ولا يزاد على امتلائها لقوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) والثاني أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها موضع للمزيد .. ويجوز أن يكون «هل من مزيد» استكثارا للداخلين فيها واستبعادا للزيادة عليهم لفرط كثرتهم أو طلبا