** (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين. بمعنى : وامكثن واستقررن من وقر ـ يقر ـ وقارا .. أو من قر ـ يقر ـ قرا .. من باب «ضرب» بمعنى : استقر بالمكان والاسم : القرار وحذفت الراء الأولى من «أقررن» وهو لغة في «قر ـ يقر» ولا تبدين زينتكن والتبرج : مأخوذ من برح العين وهو إحاطة بياضها بسوادها. التقدير : تبرج نساء الجاهلية الأولى فحذف المضاف «نساء» وحل المضاف إليه «الجاهلية» محلها والمراد بها : الجاهلية القديمة التي يقال لها : الجاهلية الجهلاء. و «الجاهلية» هي حالة الجهل .. وهي أيضا : الوثنية في بلاد العرب قبل الإسلام. والجاهلية الأولى .. هي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وقيل : ما بين آدم ونوح .. وقيل : بين إدريس ونوح .. وقيل : زمن داود وسليمان .. وهناك الجاهلية الأخرى : وهي ما بين عيسى ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ ويجوز أن تكون الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام .. والجاهلية الأخرى : جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام .. وقيل : الجاهلية : هي حقبة تاريخ العرب قبل الإسلام .. كانت حضارتهم بدوية وعيشتهم بسيطة ونفسيتهم تتصف بحب القبيلة والصبر والحزم وحب الحرية والكرم وحسن الضيافة والشجاعة ـ والثأر .. وبرز فيهم الشعراء الفطاحل .. منهم «الصعاليك» وأصحاب المعلقات وشعراء البلاط .. والشعراء الفرسان. روي أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال وهو على المنبر : أيها الناس عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا : وما ديواننا؟ قال : شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم. و «تبرجن» أصله : تتبرجن .. حذفت إحدى التاءين تخفيفا. قال الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا يزال الرجل عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
** (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) : استعار سبحانه للذنوب الرجس وللتقوى : الطهر. و «أهل البيت» المراد : أهل بيت النبوة.
** (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المسلم هو الداخل في السلم بعد الحرب المنقاد الذي لا يعاند .. أو المفوض أمره إلى الله المتوكل عليه من أسلم وجهه إلى الله وبقية الأسماء معانيها على التوالي : المنقادين لله. والمؤمنين : به حق الإيمان أما «القانتين» فمعناه : المواظبون على طاعته أي العابدين المطيعين و «الصادقين» أي الصادقين في القول والعمل و «الصابرين» أي الصابرين عن المعاصي «والخاشعين» أي المتواضعين لله الخائفين منه و «المتصدقين والصائمين» أي والمتصدقين بالمال وغيره والصائمين في رمضان والمتعففين والذاكرين الله كثيرا رجالا ونساء أي إن الجامعين والجامعات لهذه الطاعات .. ويقال : صام ـ يصوم صوما .. من باب «قال» وصياما أيضا فهو صائم ـ اسم فاعل ـ وهم صائمون وصوم ـ بضم الصاد وتشديد الواو ـ وصيم ـ بضم الصاد وتشديد الياء ـ ورجل صومان : أي صائم. قال الخليل : الصوم : قيام بلا عمل. والصوم أيضا : الإمساك عن الطعم وقال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم والصوم أيضا في قوله تعالى في سورة «مريم» : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : صمتا. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه وقال الإمام الغزالي : كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم فالمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه من الآثام ويأكل ويشرب والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق