جوارحه. والجوارح جمع «جارحة» وهو العضو من الإنسان ولا سيما اليد لأنها تكتسب. روي أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصف القيامة يوما لأصحابه فأشبع الكلام في الإنذار فرقوا واجتمعوا في بيت عثمان بن مطعون واتفقوا على أن لا يزالوا صائمين قائمين وأن لا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك «بضم الواو والدال أي الدسم ـ من اللحم والشحم» ولا يقربوا النساء والطيب ويرفضوا الدنيا ويلبسوا المسوح ويسيحوا في الأرض. فبلغ ذلك رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال لهم : إني لم أؤمر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. وفي حديث : «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له» أي من لم يعزم عليه فينويه.
** سبب نزول الآية : أخبر الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال .. وما أرى النساء يذكرن بشيء. فنزلت الآية الكريمة : «إن المسلمين والمسلمات».
** (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. بمعنى : وما يصح .. وذكر الله لتعظيم أمر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والإشعار بإن قضاءة قضاء الله .. وقد ذكر الفعل «يكون» مع اسمه «الخيرة» وهو لفظة مؤنثة لأنه فصل عن اسمه بفاصل أو لأن «الخيرة» بمعنى : الاختيار .. كما جاء الضمير جمعا في «لهم» و «أمرهم» لأنه راجع على المعنى لا اللفظ لأنهما وقعا تحت النفي فعما كل مؤمن ومؤمنة.
** سبب نزول الآية : خطب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ زينب بنت جحش لزيد بن حارثة الذي تبناه بعد أن أعتقه فأبت ذلك .. وقالت : أنا خير منه حسبا. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة وقبلت الزواج بزيد بعد أن استجابت لأمر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فالحكم وإن كان عاما إلا أن المراد به زينب وزيد. وزينب بنت جحش هي ابنة عمة الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقد رفضت هي وأخوها ما قرره رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من تزويجها بمعتوقه «زيد بن حارثة» فقال الله تعالى كما تذكر الآية الكريمة : ما صح لمؤمن ولا المؤمنة إذا قرر الله ورسوله أمرا يختص بأشخاصهم أن يختاروا على اختيارهما بل يجب عليهم التسليم بما اختاراه لهم والآية الكريمة التالية أيضا نزلت ـ كما قال أنس ـ في زينب بنت جحش وزيد بن حارثة. وتذكر الرواية : إن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رآها فوقعت في نفسه فقال : سبحان الله مقلب القلوب فذكرت «زينب» هذا لزوجها «زيد» فكلم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في طلاقها محتجا بأنها تتكبر عليه لشرف نسبها فنهاه عن تطليقها .. وذكر الله تعالى ذلك فقال عزّ من قائل : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق احتفظ بزوجك وخف الله وتخفي في نفسك من نية التزوج بها لو طلقها زيد ما الله مظهره ومبديه وتخشى تعيير الناس إياك به والله أحق أن تخشاه .. فلما قضى زيد منها حاجة في نفسه بحيث ملها وآثر فراقها زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين ضيق في التزوج بمطلقات الملتحقين بهم في النسب إذا قضوا حاجتهم منهن وكان أمر الله كائنا لا محالة.
** (وَتَخْشَى النَّاسَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : وتخفي خاشيا قالة الناس أو تعبير الناس إياك به .. فحذف المفعول به المضاف «قالة ..» وحل المضاف إليه «الناس» محله.