(وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) : معطوفان بواوي العطف على «بصائر» مرفوعان أيضا بالضمة وقدرت للتعذر على ألف «هدى» قبل تنوينها.
(لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : جار ومجرور متعلق بهدى أو برحمة ـ على تأويل الفعل ـ أو بصفة محذوفة من «رحمة». يوقنون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
** (هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العشرين وحذف المشار إليه الصفة أو البدل من اسم الإشارة «هذا» اختصارا لأنه معلوم أي هذا القرآن فيه دلائل تبصر الناس وجوه النجاة وتنير القلوب «وبصائر» جمع «بصيرة» بمعنى : علم وخبرة وحجة وإنما جاء الخبر بصورة التأنيث والمبتدأ مذكر على معنى هذا القرآن ذو بصيرة أو هذا القرآن استبصار لأن لفظة «استبصار» بمعنى «البصيرة» أو على معنى هو البصائر كما في قوله تعالى في سورة «القيامة» : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) قال الأخفش : جعله هو البصيرة كما تقول للرجل : أنت حجة على نفسك بمعنى شاهد على نفسه.
** (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعنى : أبل ظن الذين اكتسبوا الأعمال السيئات أن نصيرهم مثل الذين آمنوا بالله ورسله وكتبه وعملوا الأعمال الصالحات أو صالح الأعمال فحذف المفعولان الموصوفان «الأعمال» وحلت الصفة «السيئات» محلها و «الأعمال». وأقيمت الصفة «الصالحات» مقامها أو تكون الكلمتان «السيئات» و «الصالحات» من الصفات التي جرت مجرى الاسماء ولفظة «اجترحوا» بمعنى «جرحوا» أي اكتسبوا مأخوذة من «الجارحة» وهي العضو وجمعها : جوارح أي الأعضاء أو بمعنى اسم الفاعل الذي يجرح فجوارح السباع والطير : هي ذوات الصيد وجوارح الإنسان : أي أعضاؤه التي يكتسب بها.
** سبب نزول الآية : نزلت في ثلاثة من المشركين : عتبة وشيبة والوليد بن عتبة .. قالوا لثلاثة من المؤمنين : حالنا في الآخرة أفضل من حالكم كما أنا أفضل حالا منكم في الدنيا فنزلت هذه الآية الكريمة.
** (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والعشرين. وفيه حذف مفعول «يظنون» اختصارا لأن المعنى وما هم إلا يظنون ذلك بلا دليل .. و «الدهر» بمعنى : مرور الأيام وهو في الأصل : مدة بقاء العالم وقال الجوهري : الدهر : الزمان وجمعه : دهور .. وقيل : الدهر : الأبد. وفي الحديث : «لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله» وفي رواية : فإن الله وحده هو الدهر لأنهم كانوا يضيفون النوازل إليه فقيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإن ذلك هو الله تعالى. وقال الفيومي : الدهر عند العرب يطلق على الزمان وعلى الفصل من فصول السنة وأقل من ذلك ويقع على مدة الدنيا كلها. وعن الحديث المذكور آنفا روي بشكل آخر : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : قال الله تعالى : يؤذيني ابن آدم ـ أي