** (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : لكل من الجنسين أي لكل من الفريقين : المؤمن والكافر مراتب ومنازل وقيل : إن الجنة درجات والنار دركات. وقيل في الآية الكريمة المذكورة آنفا : درجات مع القول الجنة درجات والنار دركات لأنه يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب لاشتمال «كل» على الفريقين وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : يخرج قوم من النار بشفاعة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيدخلون الجنة يسمون : الجهنميين. وقيل : إن الجنة هي ظهر السماء السابعة تحت العرش في قوله تعالى في سورة «الذاريات» (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) صدق الله العظيم. وقوله : وليوفيهم أعمالهم معناه : وليوفيهم الله جزاء أعمالهم فحذف المفعول به المضاف «جزاء» وحل المضاف إليه محله.
** (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين .. وعرضهم على النار : معناه : تعذيبهم بها أي تعرض النار عليهم بمعنى : تكشف لهم. وقال المصحف المفسر : المعنى : تعرض النار عليهم أي تكشف لهم فقلب للمبالغة. وقيل : عرض الكافرين على النار معناه : تعذيبهم بها كما يقال : عرض بنو فلان على السيف : إذا قتلوا به وهذا هو معنى ما جاء في الآية الكريمة المذكورة .. قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يجاء بهم إليها فيكشف لهم عنها. وقيل : الأمر في الآية الكريمة على ظاهره .. كقولك : عرضت الأسرى على الأمر. وموضوع القلب وارد في ركن من أركان البلاغة العربية وهو التشبيه. نحو قولنا : الأسد كأخيك في الشجاعة .. سمي هذا التشبيه تشبيها مقلوبا .. أما القول : أنت كالأسد في الشجاعة فيسمى تشبيها تام الأركان أي ذكرت أركانه الأربعة وهي : المشبه .. أداة التشبيه .. المشبه به .. ووجه الشبه. وإذا اقترن التشبيه بأداة التشبيه سمي التشبيه مرسلا نحو : أنت كالأسد وإذا حذفت الأداة سمي التشبيه مؤكدا نحو : أنت أسد في الشجاعة وإذا اقترن التشبيه بوجه الشبه سمي تشبيها مفصلا نحو : أنت أسد في الشجاعة ـ أي مثل التشبيه الموكد ـ وإذا حذف وجه الشبه سمي التشبيه مجملا نحو : أخوك كالأسد .. أما إذا حذف وجه الشبه وأداة التشبيه فيسمى التشبيه بليغا قال المتنبي :
من يهن يسهل الهوان عليه |
|
ما الجرح بميت إيلام |
وهذا نوع من التشبيه يسمى تشبيها ضمنيا كما في بيت الشعر المذكور وفي هذا التشبيه لا تظهر أداة التشبيه ولم يأت على صورة التشبيه العادي أي لم يتطرق إلى التصريح بالتشبيه ولكنه لمح إليه تلميحا وأتى به ضمنا.
** (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعنى : واذكر يا محمد أخا بني عاد في النسب لا في الدين ويعني هودا ـ عليهالسلام ـ فحذف المضاف إليه «بني» وأقيم المضاف إليه الثاني «عاد» مقامه. وقد أنث الفعل «خلت» مع الفاعل المذكر «النذر» لأنه جمع «نذير» بمعنى «المنذر» جاء التأنيث على لفظ «النذر» لا على المعنى. ومن أخطائهم الشائعة قول بعضهم : لقد أعذر من أنذر .. بلفظ «أعذر» بضم أوله وكسر ما قبل آخره أي بنائه للمجهول والصحيح القول : أعذر ـ بفتح الهمزة في الفعلين وإيرادهما مبنيين للمعلوم لأن المعنى : صار ذا عذر .. أي إن من حذرك ما يحل بك فقد أعذر إليك : أي صار