الثوب ـ ألبسه ـ لبسا : بمعنى : استترت به ووضعته على جسمي وهو من باب «تعب» أو «فرح» ويأتي الفعل الرباعي متعديا أيضا نحو : ألبسته : بمعنى : سترته وغطيته ويأتي متعديا إلى مفعولين .. نحو : ألبست الفقير ثوبا : بمعنى : جعلته يلبسه مثل أعطيته ثوبا أي منحته إياه.
** (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة الوسوسة : هي الصوت الخفي .. ومنه : وسواس الحلي .. ووسوسة النفس : هي ما يخطر ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس. والباء في «توسوس به نفسه» هي مثلها في القول : صوت بكذا وهمس به ويجوز أن تكون الباء للتعدية والضمير للإنسان : أي ما تجعله موسوسا و «ما» مصدرية .. لأنهم يقولون : حدث نفسه بكذا .. كما يقولون : حدثته نفسه به. وفي الآية الكريمة المذكورة عدي الفعل «وسوس» بالباء وفي قوله تعالى في سورة «طه» : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ) عدي الفعل بإلى وعدي باللام في قوله عزوجل في سورة «الأعراف» : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) فالفعل «وسوس» إذا عدي بإلى فمعناه : الإنهاء .. فمعنى «وسوس إليه» هو أنهى إليه الوسوسة .. كحدث إليه وأسر إليه .. أما إذا عدي باللام نحو «وسوس لهما» فمعناه : لأجلهما. ووسوسة الشيطان : كولولة الثكلى ووعوعة الذئب ووقوقة الدجاجة في أنها حكايات للأصوات وحكمها : حكم صوت أو جرس. وقوله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) معناه : وسوس إليهما. والعرب توصل بهذه الأحرف الفعل ومصدر الفعل «وسوس» هو «وسواسا» بكسر الواو .. ووسواس ـ بفتح الواو هو الاسم وهو بمعنى «الوسوسة» وهي حديث النفس .. والوسوسة أيضا مصدر مثل «وسواس» فإذا بني الفعل «وسوس» للمجهول قيل : هذا موسوس إليه وهؤلاء موسوس إليهم .. مثل «المغضوب عليهم».
** (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) : الوريد : هو العرق ويضرب به المثل في القرب .. وقيل : سمي وريدا لأن الروح ترده .. وهو عرقان مكتنفان لصفحتي العنق .. والمراد بقوله تعالى : قرب علمه سبحانه منه وإنه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقا لا يخفى عليه شيء من خفياته فكأن ذاته تعالى قريبة منه .. كما يقال : الله في كل مكان. وقد جل سبحانه عن الأمكنة و «الحبل» هو «العرق» شبه بواحد الحبال ؛ وأضيف «الحبل» إلى «الوريد» وقيل : إن الشيء لا يضاف إلى نفسه .. وفي ذلك وجهان : أحدهما : أن تكون الإضافة للبيان وثانيهما : أن يراد حبل العاتق والعاتق : هو ما بين المنكب والعنق. فيضاف إلى الوريد كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد كما لو قيل : حبل العلياء مثلا. والعاتق : هو موضع الرداء من المنكب والحبل : هو الوريد.
** (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة المعنى : وجاءت شدة الموت ملتبسة أو مقترنة بحقيقة الأمر ذلك الموت هو ما كنت تهرب منه .. روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه لما احتضر أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ احتضر ـ بضم التاء وكسر الضاد ـ أي ببنائه للمجهول بمعنى : حضره الموت فهو محتضر ـ اسم مفعول ـ ولا نقول : احتضر ـ بفتح الضاد ـ قيل لما احتضر أبو بكر قالت عائشة : لعمري ما يغني الثراء عن الفتى. قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا تقولي هذا يا بنية .. وقولي : «وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد» وما قالته عائشة مأخوذ من بيت الشعر الذي قاله حاتم :
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر |