واللفظة ـ اسم مفعول ـ بمعنى ولقد جاءهم من أنباء القرون الخالية ـ أخبار الأولين ما فيه ازدجار لهم من تعذيب وغيره نتيجة تماديهم في الباطل.
** (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى وفي قراءة حذيفة «وقد انشق القمر» أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق .. كما تقول : أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه. وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم.
** سبب نزول الآية : أخرج البخاري ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه ـ أنه قال : سأل مشركو مكة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا هالة حمراء بينهما فنزل قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ..) إلى قوله : (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) وفي رواية أخرى مماثلة : إن الله سبحانه وتعالى أكرم نبيه الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في مواقع ومواقف وأقوال وذلك لما ناله من تكريم وتعظيم من الخالق العظيم ـ جلت قدرته ـ ففي شهر شعبان .. الشهر المفضل عند الله سبحانه وتعالى .. المعظم عند رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما وقع له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيه من تكريم وتعظيم وتحقيق المعجزات .. ففي هذا الشهر الكريم حقق الله تعالى أمنية عزيزة لنبيه وحبيبه محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقد كان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمسلمون يستقبلون في صلاتهم بيت المقدس وكان عليه الصلاة والسلام يرجو أن تكون قبلته وقبلة أمته «الكعبة المشرفة» ويحكي القرآن الكريم تشوق النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى تحقيق ذلك في قوله تعالى في سورة «البقرة» : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) صدق الله العظيم. والله سبحانه وتعالى أكرم نبيه محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في هذا الشهر الكريم ـ شهر شعبان ـ بمعجزة باهرة حيث قال كفار قريش للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن كنت رسولا من عند الله حقا فإنا نطلب منك دليلا وبرهانا على أنك نبي مرسل وعلى صدق رسالتك وحددوا هم الدليل الذي أرادوه فقالوا : نطلب منك أن ينشق القمر فرقتين فرقة تبقى في السماء وأخرى تنزل على الأرض ليكون ذلك برهانا على صدقك. فأشار النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بيده الشريفة إلى السماء فانشق القمر نصفين حتى رأوا جبل حراء بينهما والناس ينظرون. فكبر المسلمون أما الكفار فقالوا : سحر محمد أعيننا فأنزل الله تعالى قوله الكريم : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) صدق الله العظيم.
** (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى : وإن ير مشركوا قريش معجزة يصدوا عنها ويقولوا : هذا سحر دائم مطرد .. و «مستمر» اسم الفاعل للفعل «استمر» ومن أخطائهم الشائعة قولهم : استمرينا في عملنا أو استمريت في عملي والصواب القول : استمررنا .. واستمررت لأن آخر الفعل «استمر» حرف صحيح وليس حرف علة مثل الفعل «ربى» مثلا الذي يقال فيه : ربينا .. وربيت وأمثال هذين الفعلين كثير في لغة الضاد لغة القرآن الكريم.
** (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : ولقد جاءهم من أنباء القرون الخالية ـ أخبار الأولين ـ ما فيه ازدجار لأن اللفظة اسم مفعول وحكم مصدر الفعل حكم اسم مفعوله له في التقدير لا في اللفظ .. يقال :