زجرته ـ ازجره ـ زجرا من باب «نصر» بمعنى : منعته ونهيته أو طردته صائحا به فانزجر أي فامتنع وانتهى .. أما «الازدجار» فهو مصدر الفعل «ازدجر» بمعنى «انزجر» وأصله : ازتجر وانزجر مطاوع «زجر» أي امتنع وانتهى. ويستعمل الفعل لازما ومتعديا ويقال : تزاجروا عن المنكر .. بمعنى : زجر بعضهم بعضا والزجار «فعال بمعنى فاعل» من صيغ المبالغة أي الكثير الزجر. ويقال : زجر الطير وغيرها بمعنى : طرقها بحصاة حتى تتحرك فإن ولت ميامنها فهي سانحة وإن ولت مياسرها فهي بارحة.
** (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة المعنى : فأعرض عنهم يا محمد فما تغن النذر ـ الآية الكريمة السابقة أي الخامسة ـ وأنث الفعل «تغن» مع الفاعل «النذر» جمع «نذير» وذلك على معنى «جماعة النذر» أي على اللفظ لا المعنى والداعي هو إسرافيل يدعو إلى شيء منكر فظيع تنكره النفوس وهو هول يوم القيامة .. وحذفت الواو من الفعل «يدع» كما حذفت الياء من «الداعي» وحذف الياء كثير في القرآن الكريم وسبب حذف الياء قال الخليل وسيبويه : إن حذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل .. وقال الكسائي : إن ذلك هو الوقف بغير ياء كما يوقف على الفعل بغير ياء .. وقال الكسائي : إن الفعل السالم يوقف عليه كالمجزوم فتحذف الياء كما تحذف الضمة وحكى الخليل وسيبويه أن هذه القراءة مثل قولهم : لا أدر .. وما أدر وهو كثير في لغة هذيل .. ولوحظ أن الياء حذفت من كلمة «الداع» في هذه الآية الكريمة في حالة الرفع وفي حالة الجر أيضا كما في الآية الكريمة الثامنة «مهطعين إلى الداع ..» في حين ثبتت الياء في الاسم في حالة مجيئه منصوبا في سورتي «طه» : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) والأحقاف : (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ).
** (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : أذلاء .. لأن خشوع الأبصار : كناية عن الذلة والانخذال لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما. فالخشوع هو التذلل كما يقال : ذلت للشاعر القوافي بمعنى :
سهلت وانقادت. و «خشعا» جمع «خاشع» وهو اسم فاعل والمعنى : يخشعن أبصارهم على لغة «طيئ» أي بإيراد فاعلين لفعل واحد .. ففاعل «يخشعن» الأول هو نون الإناث والفاعل الثاني هو «أبصارهم» أي على لغة من يقول : أكلوني البراغيث .. هذا احتمال في معنى الآية الكريمة ويجوز أن يكون في «خشعا» ضميرهم وتقع «أبصارهم» بدلا عنه. ويقال : أبصرته عيني. وهي جملة تأكيدية لأن العين تبصر : أي ترى .. فالعين باصرة ـ اسم فاعلة ـ والباصرة : هي العين وجمعها : بواصر .. والبصر : هو حاسة النظر وهو العين أيضا. يقال : أتيته بين سمع الأرض وبصرها : المعنى : بأرض خلاء لا يبصرني ولا يسمع بي إلا هي.
** (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة .. المعنى : كذبت قبل قومك يا محمد أي قريش قوم نوح فكذبوا عبدنا نوحا أي كذبوا فكذبوا عبدنا أي كذبوه تكذيبا على عقد تكذيب .. أو على معنى : كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا لأنه من جملة الرسل وقالوا هو مجنون وقد ازدجر أي وقد ازدجرته الجن وذهبت بلبه وطارت بقلبه بمعنى : وزجر على التبليغ بأنواع الأذى وزجروه وكف عن تبليغهم ودعوتهم. وقد أنث الفعل «كذبت» مع الفاعل المذكر «قوم» وذلك على تفسير «قوم» بمعنى : أمم أو جماعة. وذكر الفعل «كذبوا» على معنى «قوم» لا على لفظها. وقال