** (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العشرين .. المعنى : من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة تضاعف له حسناته إلى سبعمائة ضعف ومن كان يريد بعمله لذات الدنيا وشهواتها نعطه منها. و «الحرث» بمعنى : الزرع والمراد به هنا : الثواب .. وسمى سبحانه ما يعمله العامل مما يبغي به الفائدة والزكاء حرثا .. على المجاز.
** (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثالثة والعشرين المعنى : ذلك الثواب أو ذلك التبشير يبشر الله به عباده المؤمنين .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه وهو «الثواب .. التبشير» لأن ما قبله وما بعده يدلان عليه كما حذف في الآية الكريمة السابقة في «ذلك هو الفضل» أي ذلك النعيم أو ذلك التكريم .. و «الصالحات» بمعنى الأعمال الصالحات وهي التي أمر الله بها وترك ما نهى عنه أي صالح الأعمال .. والصالحات : من الأسماء التي تجري مجرى الأسماء كالحسنات والطيبات.
** (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) : و «إلا» هنا أداة استثناء والاستثناء هنا استثناء منقطع لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه إذ لو كان الاستثناء متصلا لكانت المودة مسئولة أجرا وليس الحال كذلك بل المعنى هو : لكن افعلوا المودة للقربى فيكم. والقربى : مصدر كالزلفى والبشرى .. بمعنى : القرابة. والمراد بالقربى هنا : في أهل القربى .. فحذف المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «القربى» مقامه كما حذف الموصوف «فعلة» في قوله : ومن يقترف حسنة .. وحلت الصفة «حسنة» محله لأن المعنى : ومن يكتسب فعلة حسنة نضاعفها له أو نزد له في الثواب أجرا حسنا .. فالمعنى : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة منها .. أي إلا أن تودوني في القربى أي في حق القربى ومن أجلها بمعنى : لقرابتي منكم أو تودوا قرابتي لأن القربى هي القرابة .. كما تقول : الحب في الله والبغض في الله .. بمعنى : في حقه سبحانه ومن أجله .. وقيل : القربى : هي التقرب إلى الله تعالى أي إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح.
** سبب نزول الآية : قال قتادة : قال المشركون : لعل محمدا فيما يتعاطاه يطلب أجرا. فنزلت هذه الآية الكريمة ليحثهم على مودته ورعاية قرابته.
** (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الرابعة والعشرين .. المعنى أن الله سبحانه واسع العلم بما يختلج في صدور الناس من الهواجس والنيات .. أو عالم بنفس الصدور : أي ببواطنها وخفياتها ويكنى بالصدور عن القلوب .. لأنها في داخل الصدور.
** (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. المعنى : والله هو الذي يتقبل التوبة من عباده إذا تابوا ويعفو عن السيئات أي عن الأفعال السيئة التي اقترفوها .. فيكون «هو» خبرا للفظ الجلالة أو يكون «هو» ضمير رفع في محل رفع مبتدأ ثانيا ويكون الاسم الموصول «الذي» في محل رفع خبر «هو» والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ لفظ الجلالة كما حذف الموصوف «الأفعال» وحلت الصفة «السيئات» محلها.