** (قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة و «نذير» بمعنى : منذر يخوفكم من مثل هذه العاقبة وهي بصيغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أو بمعنى إنذار أو بمعنى : أهل نذير بدليل «إن أنتم» أي فكذبناه أو فكذبنا به وقلنا ما أنزل الله عليك شيئا ما أنتم أيها الرسل إلا في بعد شديد عن الصواب.
** (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة .. المعنى : واكتموه أو أخفوه أو أعلنوه وفي القول الكريم طباق وهو الجمع بين الشيء وضده.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في المشركين كانوا ينالون من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فخيره جبريل ـ عليهالسلام ـ بما قالوا فيه ونالوا منه فيقول بعضهم لبعض : أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد.
** (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة بمعنى ولقد كذب الذين كانوا من قبلهم رسلهم فكيف كان إنكاري لهم وغضبي عليهم. و «كذب» خلاف صدق .. يقال : كذب ـ يكذب ـ كذبا .. بوزن «علم» فهو كاذب ـ اسم فاعل ـ وكذاب وكذوب ـ من صيغ المبالغة «فعال وفعول بمعنى فاعل» وقيل في الأمثال : الكذب داء والصدق شفاء. وقيل : من عرف بالصدق جاز كذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه. وجاء في الصحاح : و «كذب» قد تكون بمعنى : وجب. عن عمر ـ رضي الله عنه ـ : كذب عليكم الحج : بمعنى : وجب. قال الأخفش : فالحج مرفوع بكذب بمعنى : كتب لأنه يريد أن يأمر بالحج كما يقال : أمكنك الصيد أي ارمه. وقيل في الأمثال : فلان أكذب من فاختة. لأن حكاية صوتها «هذا أوان الرطب» تقول ذلك والطلع لم يطلع بعد. وقال الشاعر :
أكذب من فاختة |
|
تقول وسط الكرب |
والطلع لما يطلع |
|
هذا أوان الرطب |
و «الفاختة» نوع من الحمام البري المطوق جمعه : فواخت. سميت «فاختة» بسبب لونها لأنه يشبه الفخت : أي ظل القمر. وقالت العرب :
دع الكذب حيث ترى أنه |
|
ينفعك فإنه يضرك |
وعليك بالصدق حيث ترى |
|
أنه يضرك فإنه ينفعك |
يضرب هذا المثل في الحث على لزوم الصدق حتى يصير عادة وهو عادة حميدة بالتأكيد لأن الصدق ـ كما قال بعض الحكماء ـ عز والكذب خضوع.
** (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : ألم ينظروا إلى الطير طائرات فوقهم في الجو باسطات أجنحتهن في الهواء ما يمسكهن في الجو من الوقوع إلا الرحمن بقدرته ويضممن أجنحتهن إذا ضربن بها جنوبهن ليواصلن الطيران ويقبضن : بمعنى : قابضات. ولم يقل : قابضات مع أنها بهذا المعنى لأنها معطوفة على «صافات» وهو صف الأجنحة ولم يقل قابضات لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء والأصل في السباحة هو مد الأطراف وبسطها أما القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرك فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل على معنى : أنهن صافات ويكون منهن القبض تارة بعد تارة كما