بحرف النفي «ما» ولا يكون بحرف النفي الآخر «لا» في حين يجوز النفي بالحرفين «ما» و «لا» في الفعل المضارع نحو : لا يزال المطر منهمرا وما يزال الجو ملبدا بالغيوم أما مع الفعل الماضي فنقول : ما زال البث الإذاعي مستمرا ولا يأتي الفعل الماضي مسبوقا بحرف النفي «لا» إلا في حالات .. منها : إذا أردنا تكرر النفي كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا وكما في قولنا : لا حضر ولا اعتذر وفي الدعاء نحو : لا بارك الله في كل مقصر بواجبه .. روي عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ عند ما مر به رجل ومعه ثوب فقال : أتبيع الثوب؟ فقال الرجل : لا عافاك الله! فقال رضي الله عنه ـ قد علمتم لو تعلمون. قل : لا وعافاك الله.
** (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى : ثم كذب برسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأعرض عنه ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخارا بذلك .. وهو مشتق من مد ـ يمد ـ خطاه ـ أو من «المطيطاء» وهو التبختر ومد اليدين ولوي الظهر عند المشي .. قال الشاعر :
لا هيثم الليلة في المطي |
|
ولا فتى إلا ابن خيبري |
يريد لا مثل هيثم. يقول : لا مثل هيثم لمراعاة المطي ـ جمع مطية ـ وهي الدابة التي تركب كالبعير والناقة .. مأخوذ من التمطي : أي التي تمط في سيرها .. يقال امتطى الجمال الناقة : بمعنى : اتخذها مطية. قال الصحاح : التمطي : هو التبختر ومد اليدين في المشي .. وقيل : أصله : التمطط قلبت إحدى الطاءات ياء كما قالوا : التظني في التظنن.
** (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. المعنى : ويل لك وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره. وقيل : أصله : أولاك الله ما تكرهه. واللام زائدة. وقيل : هي على وزن «أفعل» من «الويل» بعد قلب الأحرف. وجاء في الصحاح : قولهم : أولى لك : تهديد ووعيد. قال الأصمعي : معناه : قاربه ما يهلكه أي نزل به. قال ثعلب : ولم يقل أحد في «أولى» أحسن مما قاله الأصمعي .. ويقال : فلان أولى بكذا : بمعنى : أحرى به وأجدر. فالقول «أولى لك» إذن معناه : قد وليك الشر فاحذره. أما القول : أنت أولى. بهذا الشيء فمعناه : أنت أحق وأجدر به.
** سبب نزول الآية : قيل : نزلت هذه الآية الكريمة والآية الكريمة التي قبلها في أبي جهل حين كذب برسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وتولى عنه وأعرض ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخارا بذلك. وفي رواية : قال أبو جهل ـ لعنه الله ـ مخاطبا الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : بأي شيء تهددني؟ لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا .. وإني لأعز أهل هذا الوادي فلما كان يوم بدر قتل.
(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) (١٢)
(إِلى رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) : أعرب في الآية الكريمة العاشرة. المستقر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى استقرار العباد عند ربك خاصة يومئذ .. أي يوم الحساب والجزاء وهو يوم القيامة.