زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد لأنها تخنس في مجراها وتكنس ـ أي تستتر ـ كما تكنس الظباء في الكناس .. وقال الجوهري : سميت خنسا لتأخرها لأنها الكواكب المتحيرة التي ترجع وتستقيم. «كناس الظبي» هو جحره ومنه أيضا : تكنس الرجل : بمعنى : دخل في الخيمة .. وتكنست المرأة : أي دخلت الهودج .. وفي الآية الكريمة : الكواكب الرواجع بينما كان النجم في آخر البرج إذ كر راجعا إلى أوله.
** (الْجَوارِ الْكُنَّسِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. والجواري : جمع جارية أي السيارة والكنس : التي تختفي تحت ضوء الشمس وقيل : إن جميع الكواكب تخنس ـ ترجع ـ بالنهار وتكنس ـ تطلع ـ بالليل وتختفي ـ أي تستتر ـ في النهار .. وعلى ذكر «الكواكب» قال الشاعر :
ما إن أعد من المكارم خصلة |
|
إلا وجدتك عمها أو خالها |
وإذا الملوك تسايروا في بلدة |
|
كانوا كواكبها وكنت هلالها |
إن المكارم لم تزل معقولة |
|
حتى حللت براحتيك عقالها |
الشاعر قائل هذه الأبيات هو ربيعة بن ثابت الأنصاري وهو من مخضرمي في الدولتين : الأموية والعباسية وهو يمدح العباس بن محمد. و «الجوار الكنس» هما بمعنى : السيارات الكنس .. وقيل : هي الدراري الخمسة : بهرام وزحل وعطارد والزهرة والمشتري. والدراري : هي الكواكب العظام التي لا تعرف أسماؤها وهي تجري مع الشمس والقمر وترجع حتى تختفي تحت ضوء الشمس. فخنوسها : رجوعها وكنوسها : هو اختفاؤها تحت ضوء الشمس وقيل : هي جميع الكواكب تخنس بالنهار فتغيب عن العيون وتكنس بالليل أي تطلع في أماكنها كالوحش في كنسها ـ أي في جحرها ـ
** (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى والصبح إذا أضاء. قال العجاج :
حتى إذا الصبح لها تنفسا |
|
وانجاب عنها ليلها وعسعسا |
قيل : إذا أقبل الصبح بإقباله روح ونسيم فجعل ذلك تنفسا له على المجاز والمراد بتنفس الصبح هو ارتفاع ضوئه وانبساطه وعند انبساط الضوء استطار الفجر بقرب طلوع الشمس فكأنه تنفس لذلك.
** (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والعشرين .. يقال : ضن بالشيء ـ يضن ـ من باب «تعب» ضنا وضنة وضنانة بمعنى : بخل فهو ضنين ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي بخيل ويأتي الفعل من باب «ضرب» أيضا في لغة أخرى. فمعنى الآية الكريمة : وما محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على الغيب ببخيل .. وفي كلمة «ضنين» قراءتان اثنتان أي ضنين وظنين وثمة اختلاف بين جبلين من جبال العلم والقراءة وهما : عبد الله وأبي .. فقد وردت اللفظة «ظنين» بالظاء في مصحف عبد الله .. وفي مصحف أبي وردت «ضنين» بالضاد. وكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقرأ بهما ومعنى الآية : وما محمد على ما يعلمه بالوحي وما يلقى إليه من الغيوب ببخيل بها عليكم .. أو وما محمد على ما يخبر به من الغيب من رؤية جبريل ـ عليهالسلام ـ والوحي إليه وغير ذلك بمتهم .. من «الظنة» وهي التهمة وقرئ بضنين من «الضن» وهو البخيل : أي لا يبخل بالوحي فيزوي بعضه غير مبلغه أو