ومنعه وهو ضد أخلاه .. ثم أطلق المصدر «الحبس» على الموضع. أما الفعل «سجن» فهو من باب «نصر» ويقال : هذا رجل حبيس ـ فعيل بمعنى : مفعول ـ أي موقوف ويطلق على المفرد والجمع. ويقال : فلان في لسانه حبسة ـ بضم الحاء ـ بمعنى تعذر في الكلام أو وقفة وهو خلاف «الطلاقة» حكي أن محمد ابن زبيدة حبس الشاعر المعروف أبا نواس ـ بضم النون وتخفيف الواو ـ حبسه في أمر فكتب إليه من الحبس :
قل للخليفة : إنني |
|
حي أراك بكل باس |
من ذا يكون أبا نوا |
|
سك إذ حبست أبا نواس |
إن أنت لم ترفع به |
|
رأسا هديت فنصف رأس |
قال : فلم يرفع بما كتبت إليه رأسا ولم يبال بي ومكثت في الحبس ثلاثة أشهر. و «السجن» بفتح السين وهو مصدر الفعل يعني العقوبة وبكسر السين يعني موضع السجن. و «سجين» الواردة» في الآية الكريمة المذكورة آنفا .. قال أبو عبيدة : هي فعيل .. من السجن.
** (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ..) على الأرائك ينظرون .. تعرف فى وجوههم نضرة النعيم : هذه الأقوال الكريمة هي نصوص الآيات الثانية والعشرين .. الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين .. المعنى إن المؤمنين المطيعين مقيمون في نعيم على الأسرة والأفرشة جالسون ينظرون ما حباهم الله من النعمة والكرامة ترى في وجوههم بهجة النعيم ورونقه وبريقه أو بهجة التنعم وماءه ورونقه كما يرى في وجوه الأغنياء وأهل الترف قال جرير :
كم بالمواسم من شعثاء أرملة |
|
ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر |
يدعوك دعوة ملهوف كأن به |
|
مسا من الجن أو خبلا من النشر |
المواسم جمع «موسم» وهو مجتمع الناس. و «شعثاء» أي مغبرة الرأس. والملهوف : هو المظلوم الذين يستغيث. والخبل ـ بسكون الباء ـ هو الجنون. أما «النشر» فهو جمع «نشرة» وهي الرقية. أما «الناظر» فهو الحافظ وبمعنى السواد الأصغر من العين الذي يبصر به الإنسان شخصه أو هو العين وتسمى العين باسم الفاعل أيضا : الناظرة وقد جمع اسم الفاعلة «ناضرة» مع اسم الفاعلة الآخر «ناظرة» في قوله تعالى في سورة «القيامة» : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ويقال : نضر الوجه بمعنى : حسن ونعم فهو ناضر ونضر ونضير. وقيل : هذه وجهة نظر جديرة بالنظر قال الشاعر :
فإن يك صدر هذا اليوم ولى |
|
فإن غدا لناظره قريب |
هذا البيت قاله قراد بن أجدع .. قاله للنعمان بن المنذر حتى صار مثلا بمعنى لمنتظره.
(الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (١١)
(الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للمكذبين أو في محل نصب على الذم بفعل محذوف تقديره : أذم أو أعني الذين. يكذبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.