عاد بن عوص بن إرم بن سام. من لم يضف الاسم «عادا» جعل «إرم» اسمه ولم يصرفه لأنه جعل عادا اسم أبيهم. وإرم اسم القبيلة وجعله بدلا منه .. ومن قرأ بالإضافة ولم يصرفه جعله اسم أمهم أو اسم بلدة. وقيل لعقب «عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح» عاد .. كما يقال لبني هاشم : هاشم ثم قيل للأولين منهم : عاد. و «إرم» تسمية لهم باسم جدهم .. ولمن بعدهم «عاد» الأخيرة. وفي الآية الكريمة تكون «إرم» عطف بيان لعاد وإيذانا بأنهم «عاد» الأولى القديمة .. وقيل : إرم : بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها .. ويدل عليه قراءة «ابن الزبير» بعاد إرم على الإضافة وتقديره : بعاد أهل إرم كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) أي واسأل أهل القرية .. ولم تنصرف قبيلة كانت أو أرضا للتعريف والتأنيث .. وقرأ الحسن بعاد إرم مفتوحتين .. وقرئ بعاد إرم ـ بسكون الراء ـ تخفيفا وقرئ بعاد إرم ذات العماد بإضافة «إرم» إلى ذات العماد. و «الإرم» هو العلم يعني بعاد أهل أعلام ذات العماد .. و «ذات العماد» اسم المدينة. و «ذات العماد» إذا كانت صفة للقبيلة فالمعنى : أنهم كانوا بدويين أهل عمد أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة وقيل : ذات البناء الرفيع .. وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى : أنها ذات أساطير .. وروي أنه كان لعاد ابنان : شداد .. وشديد .. فملكا وقهرا ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها .. فسمع بذكر الجنة فقال : أبني مثلها! فبنى «إرم» في بعض صحارى عدن في ثلاث مائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت .. وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا.
** (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا .. وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) : هذان القولان الكريمان هما نصا الآيتين الكريمتين التاسعة عشرة والعشرين .. المعنى : وتأكلون الميراث أكلا ذا لم وهو الجمع بين الحلال والحرام .. قال الحطيئة :
إذا كان لما يتبع الذم أهله |
|
فلا قدس الرحمن تلك الطواحنا |
يعني أنهم يجمعون في أكلهم بين نصيبهم في الميراث ونصيب غيرهم : أي إذا كان الأكل ذا لم وجمع بين ما يحمد وما لا يحمد ولا ينفك الذم عن صاحب الأكل يتبعه كالطفل فلا قدس الرحمن تلك الأسنان التي طحنت المأكول. والطواحن : هي الأضراس التي تسمى الأرحاء.
** (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والعشرين .. وفيه نودي «ليت» وهو غير عاقل للتعجب والأمر الشديد فالله تعالى يعبر عن حال من تمنى أن يقدم أعمالا صالحة فالتمني مصحوب بحسرة ولوعة.
** (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ..) ارجعى إلى ربك راضية مرضية .. فادخلى فى عبادى .. وادخلى جنتى : هذه الأقوال الكريمة هي نصوص الآيات الأواخر من هذه السورة الشريفة .. أي يقول الله المطمئنة : يا أيتها النفس إما أن يكلمه إكراما له كما كلم موسى ـ عليهالسلام ـ أو على لسان ملك. والمطمئنة أي الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن وهي النفس المؤمنة أو المطمئنة إلى الحق ويقال لها عند الموت أو عند البعث أو عند دخول الجنة على معنى : ارجعي إلى