** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة وما بعدها على بعض صناديد قريش الذين كان الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يكابد ما يكابد .. وقيل : إن المقصود بهذا القول الكريم هو الوليد بن المغيرة وقيل : هو أبو الأشد من كلدة الجمحي وكان قويا في قومه يبسط له الأديم العكاظي فيقوم عليه ويقول مغترا بقوته البدنية : من أزالني عنه فله كذا فلا ينزع إلا قطعا ويبقى موضع قدميه .. وكان أيضا يقول متباهيا ومن باب التفاخر والشهرة : أنفقت مالا كثيرا اظهارا لغناه قال ابن عباس : كان أبو الأشد يقول : أنفقت في عداوة محمد مالا كثيرا وهو في ذلك كاذب.
** (وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة. وهي مثنى «شفة» ويقال هذا كلام شفوي .. أو شفهي .. وقد اختلف علماء اللغة حول أصل اللفظتين .. فمنهم من عزا الأصل إلى الواو وقسم آخر قال : الأصل : هاء. قال الفيومي : الشفة : مخففة ولامها محذوفة والهاء عوض عنها .. وللعرب فيها لغتان .. منهم من يجعلها هاء ويبني عليها تصاريف الكلمة .. ويقول : الأصل : شفهة وتجمع على شفاه وشفات وتصغر على شفهية .. ويقال : كلمته مشافهة .. والحروف الشفهية .. ومنهم من يجعلها واوا ويبني عليها تصاريف الكلمة ويقول الأصل : شفوة وتجمع على شفوات وتصغر على شفيه .. وكلمته مشافاة .. والحروف الشفوية. ونقل ابن فارس القولين عن الخليل وقال الأزهري أيضا : قال الليث : تجمع «الشفة» على شفهات وشفوات والهاء : أقيس والواو : أعم لأنهم شبهوها بسنوات ونقصانها حذف هائها .. وناقض الجوهري فأنكر أن يقال : أصلها : الواو وقال : تجمع على شفوات. ويقال : ما نطق ببنت شفة : بمعنى : بكلمة. والشفة من الإنسان : هي ما يطبق على فمه ويستر أسنانه. وقيل : الصواب أن نقول : أجري له امتحان شفهي وليس شفويا .. لأن الشفهي : نسبة إلى «الشفة» وأصلها : الشفهة. أما «المشافهة» فهي المخاطبة من فم الرجل إلى فم صاحبه .. كما قالت العرب في أمثالها : حدثني فاه إلى في : أي فمه إلى فمي وذلك إذا حدثك وليس بينكما شيء. التقدير : حدثني جاعلا فاه إلى في .. يعني مشافها .. ويقال : إن الأدب المقارن يعني دراسة الشفاهي ـ النسبة هنا إلى الجمع ـ كالأدب الشعبي والفولكلور والأساطير والحكايات الشعبية. أما «الإشمام» فهو ضم الشفتين ـ عند القراءة ـ كمن يريد النطق بضمة إشارة إلى أن الحركة المحذوفة هي ضمة من غير أن يظهر ذلك في النطق. قيل في أمثال العرب : فلان له في الناس شفة حسنة : أي ذكر جميل. ويقال في الفرق : الشفة : من الإنسان. والمشفر : من ذي الخف. والجحفلة : من ذي الحافر. والمقمة : من ذي الظلف. والخطم والخرطوم : من السباع. و «المنسر» بفتح الميم وكسرها والسين مفتوحة فيهما : من ذي الجناح الصائد. و «المنقار» : من غير الصائد.
** (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) : هذه الأقوال الكريمة هي نصوص الآيات : الرابعة عشرة .. الخامسة عشرة .. والسادسة عشرة .. و «مسغبة» بمعنى : مجاعة وهي أيضا «السغب» بفتح السين والغين بمعنى : الجوع وإنما قال : مسغبة .. كما قال جلت قدرته : مرحمة ـ بمعنى رحمة ـ مراعاة لرءوس الآي الشريف .. يقال : سغب ـ يسغب .. سغبا من باب «طرب» بمعنى : جاع فهو ساغب ـ اسم فاعل ـ وسغبان وهي سغبى .. ويقال : أسغب القوم بمعنى : دخلوا في المجاعة. و «المسغبة» و «المقرية» و «المتربة» : مفعلات .. من «سغب» إذا جاع .. وقرب في النفس .. يقال : فلان ذو قرابتي