والتعقّل إدراك الشيء من حيث هو هو فقط لا من حيث هو شيء آخر سواء أخذ وحده أو مع غيره من الصفات فهذه إدراكات مترتبة في التجريد.
الأوّل : مشروط بثلاثة أشياء حضور المادّة ، واكتناف الهيئات ، وكون المدرك جزئيّا.
والثاني : تجرّد عن الشرط الأوّل.
والثالث : عن الأوّلين.
والرابع : عن الجميع على ما حقّقه المحقّق الطوسي طاب ثراه (١).
ثمّ إنّ إنّية الإدراك بأقسامه وإن كانت في غاية الوضوح والظهور بحيث يقضي به الضرورة الوجدانيّة إلّا انّه قد صعب عليهم إدراك حقيقة وكيفيّته فاختلفوا فيه على أقوال :
أحدها : القول بالانطباع حسب ما مرّت إليه الإشارة ، واستدلّوا له بأنّا إذا تصوّرنا شيئا فإمّا أن يحدث في أذهاننا أثر ، أو لا يحدث شيء بل حالنا قبل التصوّر وبعده سواء.
والثاني : باطل بالضرورة الوجدانيّة ، وعلى الأوّل فذلك الأمر الحاصل إن لم يكن مطابقا لذلك الشيء لم يكن متصوّرا له وإن كان مطابقا له فهو إمّا عينه أو مثله ،
__________________
(١) في شرح الإشارات (ج ٢ ص ٣٢٣) قال وأنواع الإدراك أربعة إلخ وقال القطب الرازي في شرحه على الشرح : قوله (وأنواع الإدراك أربعة) : إمّا جزئية مادية أو غير مادية أمّا الجزئيات المادية فإمّا محسوسة أو غير محسوسة. والمحسوسات إمّا أن يتوقّف إدراكها على حضورها وهو الإحساس أو لا يتوقف وهو التخيل وإدراك غير المحسوسات هو التوهم. وأمّا غير الجزئيات المادية فإمّا أن لا يكون جزئية بل كلية ، أو تكون جزئيات غير مادية وأيا ما كان فإدراكها التعقل.