وفي «مجمع البيان» : يروى أنّ كفّار قريش أرادوا أن يتعاطوا معارضة القرآن ، فعكفوا على لباب البرّ ، ولحوم الضأن ، وسلاف الخمر أربعين يوما لتصفوا أذهانهم ، فلمّا أخذوا فيما أرادوا واسمعوا قوله تعالى : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) (١) ، فقال بعضهم لبعض : هذا كلام لا يشبهه شيء من الكلام ، ولا يشبهه كلام المخلوقين ، وتركوا ما أخذوا فيه وافترقوا (٢).
وفي «الإحتجاج» عن هشام بن الحكم (٣) ، قال : اجتمع ابن أبي العوجاء (٤) ، وأبو شاكر الديصاني ، وعبد الملك البصري ، وابن المقفّع (٥) عند بيت الله الحرام يستهزءون بالحاجّ ويطعنون على القرآن ، فقال أبن أبي العوجاء : تعالوا ينقض كلّ واحد منّا ربع القرآن ، وميعادنا من قابل في هذا الموضع تجتمع فيه وقد نقضنا القرآن كلّه ، فإنّ في نقض القرآن إبطال نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وفي إبطال نبوّته إبطال الإسلام ، وإثبات ما نحن فيه ، فاتّفقوا على ذلك وافترقوا ، فلمّا كان من قابل اجتمعوا عند بيت الله الحرام.
فقال ابن أبى العوجاء : أمّا أنا فمتفكّر منذ افترقنا في هذه الآية : (فَلَمَّا
__________________
(١) هود : ٤٤.
(٢) مجمع البيان ج ٣ ص ١٦٥ ط صيدا.
(٣) هو هشام بن الحكم أبو محمد الشيباني بالو لاء الكوفي كان من أصحاب الامام جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام نشأ بواسط وسكن بغداد وصنف كتبا في الكلام وفي الرد على المخالفين ، توفى حدود سنة (١٩٠) ه ـ انظر الاعلام ج ٩ / ٨٢.
(٤) هو عبد الكريم بن أبى العوجاء كان من الزنادقة وكان خال معن بن زائدة الشيباني قتل حدود سنة (١٥٣) قتله محمد بن سليمان بن على العباسي الحاكم بالكوفة ـ الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٣٨.
(٥) هو عبد الله بن المقفع من أكابر الكتاب ولد في العراق مجوسيا سنة (١٠٦) وأسلم على يد عيسى ابن علي عم السفاح وولى كتابة الديوان للمنصوب العباسي ، واتهم بالزندقة فقتله أمير البصرة سفيان المهلبي سنة (١٤٢) ـ الاعلام ج ٤ / ٢٨٣.