للإيراد ، ومن البيّن أنّ الجهات التعليليّة لا توجب اختلافا أو تغايرا فيما علّل بها ، لأنّها علل وكواشف ، ومعرّفات لا يتقيّد بها المطلوب.
فان قلت : إنّ الجهات في المقام تقييديّة ترجع الى اختلاف الأحكام تبعا لاختلاف الموضوعات كما في المثال المذكور ، إذ توجب الفرقة الأولى إكرام العالم ، والثانية إكرام العادل ، والثالثة إكرام السخي ، وهكذا ، والاتّفاق في مثله منتف جدّا ، ولذا لم يعتبروا به في باب الإجماع أيضا.
قلت : لا ريب في أنّ المقصود في المقام إعجاز القرآن ، وهو حكم خاصّ في موضع خاصّ وإن اختلفت علله إثباتا ونفيا أو جميعا واستقصاء ، وهذا لا يقتضي اختلاف الموضوع ، وذلك لأنّه ليس الكلام في أنّ نوعا خاصّا خارقا للعادة من الفصاحة والبلاغة أو من البيانات المشتملة على الآداب والحكم ، أو الصرفة ، أو غير ذلك معجزة أم لا ، فإنّ الخارق من كلّ شيء معجزة بشرطها ، بل الكلام في إثبات إعجاز القرآن ولو بأيّ وجه كان وهذا ممّا اطبقوا عليه.
فإن قلت : مجرّد الاختلاف في ذلك ممّا يقدح في الإطباق على الإعجاز لعدم حصول الإطباق على شيء من تلك الجهات بل لعلّه ربما يتوهّم أنّ الاتّفاق الحاصل على اعجازه إنّما وقع بمجرّد التعبّد والتقليد والأخذ من غير دليل ولذا اختلفوا في وجهه حتى ذهبوا فيه كلّ مذهب حسبما سمعت ، وهذا ممّا يقدح في الإعجاز.
قلت : نمنع من تحقّق القدح فيه بمجرّد الاختلاف ، كيف ومراتب النّاس واستعداداتهم مختلفة وبحسبها تختلف أنظارهم ومقاصدهم ، ومن كمال المعجزة اشتمالها على جهات عديدة ظاهرة وخفيّة ، والتوهم المذكور في السؤال ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه بعد وقوع التحدّى به على لسان النبي صلىاللهعليهوآله ، بل في آيات كثيرة