وأخبر عن أصحاب العقبة أو غيرهم من المنافقين بقوله : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) (١) ، الى غير ذلك من الآيات الكثيرة المشتملة على هذا النوع.
الثاني أنّه سبحانه أخبر فيه عن كثير من الأمور المستقبلة التي لا يمكن الاطلاع عليها إلّا من طرق الوحي والإلهام مع مطابقة الجميع لما وقع بعد الإخبار كالإخبار بذلّة اليهود وعدم انتقال الملك والسلطنة إليهم الى آخر الدهر ، وقد تحقّق صدقه لتفرّقهم وذلّتهم في البلاد وضرب الجزية عليهم والاستخفاف بهم حتى ضربت بهم الأمثال كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) (٢).
وقوله تعالى : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) (٣).
والإخبار عن غلبته على الكفّار مع فقد ما يدلّ على ذلك من الأمارات والآثار سيّما مع قلّة الأنصار ، وانتشار الكفّار في أطراف الأرض وبسيطها غاية الانتشار. ومع ذلك فقد أخبر بغلبة المسلمين عليهم على وجه الحتم والجزم بقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (٤).
__________________
(١) التوبة : ٦٤ ـ ٦٥.
(٢) الأعراف : ١٦٧.
(٣) آل عمران : ١١٢.
(٤) آل عمران : ١٢.