حيث إنّها نزلت في مشركي مكّة يوم بدر مع ظهور أمارات الغلبة من العدّة والعدّة للمشركين ، أو في اليهود حين استشعروا الضعف من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم أحد فنقضوا العهد.
والاخيار عن انهزام الكفّار يوم بدر بقوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (١).
وعن غلبة الروم على فارس بقوله سبحانه (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ...) (٢).
وذلك أنه غلبت فارس الروم ، وظهرت عليهم على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفرحت بذلك كفّار قريش ، من حيث إنّ فارس لم يكونوا أهل كتاب مع أنّ كسرى خرق كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأهان رسوله ، وقيصر كان من النصارى ، وقد كان أكرم وقبل كتابه ، وكان بيت المقدس لأهل الروم كالكعبة للمسلمين ، فدفعهم فارس منه ، فساء ذلك المسلمين فكان المشركون بمكة يجادلون المسلمين ، ويقولون : إنّ أهل الروم أهل كتاب وقد غلبهم الفرس ، وأنتم تزعمون أنّكم ستغلبون بالكتاب الّذى أنزل إليكم على نبيّكم ، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم ، فنزلت الآية.
بل ورد أنّ أبا بكر ناحب (٣) بعض المشركين قبل أن يحرم القمار على شيء
__________________
(١) القمر : ٤٥.
(٢) الروم : ٤.
(٣) ناحب مناحبة فلانا على كذا : راهنه ، والذي راهنه أبو بكر هو أبي بن خلف.