الثالثة قصور صنعاء وأخبر جبرئيل ظهور أمّتي عليها فأبشروا ، فاستبشر المسلمون ، وقالوا : الحمد لله موعد صدق ، وعدنا النصر بعد الحصر ، فقال المنافقون : ألا تعجبون ، يمنّيكم ويعدكم الباطل ، ويخبركم أنّه يبصر من يثرب قصور الحيوة ومدائن كسرى ، وأنّها تفتح لكم ، وأنتم إنّما تحفرون الخندق من الفرق ، ولا تستطيعون أن تبرزوا؟!
فنزل قوله سبحانه : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) (١).
وأنزل الله في هذه القصّة : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) (٢).
وكالإخبار بعود النبي صلىاللهعليهوآله الى مكّة بعد هجرته عنها بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (٣).
والمراد بالمعاد مكّة المكرّمة شرّفها الله لعوده إليها ، وليس في الآية كما ترى شرط ولا استثناء.
وكوعده بملاقاة إحدى الطائفتين : إمّا عير (٤) قريش وصاحبها أبو سفيان ، وإمّا النفير ، وهو جيشها ، فقال سبحانه : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) يعنى امّا العير وإمّا النفير ، (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) (٥) ، وهو العير ، وصاحبها أبو سفيان ويريد الله أن يحقّ بكلماته بإعزاز الإسلام وإهلاك وجوه قريش على أيديكم فكان كما أراد سبحانه.
__________________
(١) الأنفال : ٤٩.
(٢) آل عمران : ٢٦.
(٣) قصص : ٨٥.
(٤) العير : القافلة.
(٥) الأنفال : ٧.