ثمّ انّ اللهو يتحقّق بأمرين :
أحدهما : التلهّي وإن لم يكن لهوا.
والثاني : كونه لهوا في نفسه عند المستمعين ، وإن لم يقصد به التلهّي.
ثمّ انّ المرجع في اللهو الى العرف ، والحاكم بتحقّقه هو الوجدان ، حيث يجد الصوت المذكور مناسبا آلات اللهو ، والرقص ، ولحضور ما تستلذّه القوى الشهوية ، من كون المغنّى جارية ، أو أمرد ، ونحو ذلك ، ومراتب الوجدان المذكور مختلفة في الوضوح والخفاء ، فقد يحسّ بعض الترجيع من مبادي الغناء ولم يبلغه.
وظهر ممّا ذكرنا أنّه لا فرق بين استعمال هذه الكيفيّة في كلام حقّ أو باطل ، فقراءة القرآن ، والدعاء والمراثي بصوت يرجّع فيه على سبيل اللهو لا إشكال في حرمتها ، ولا في تضاعف عقابها لكونها معصية في مقام الطاعة واستخفافا بالمقروء والمدعوّ والمرثى.
ومن أوضح تسويلات الشيطان أنّ الرجل المتستر قد تدعوه نفسه لأجل التفرّج والتنزّه والتلذّذ ، إلى ما يوجب نشاطه ورفع الكسالة عنه من الزمزمة الملهية ، فيجعل ذلك في بيت من الشعر المنظوم في الحكم والمراثي ونحوها ، فيتغنّى به ، أو يحضر عند من يفعل ذلك (١) ... إلى آخر ما ذكره زيد قدره.
وفيه أوّلا : أنّ الظاهر من كلامه أنّ حرمة الغناء إنّما هو من جهة كونه لهوا ، لا لكونه غناء كما صرّح به أيضا ، مع أنّك قد سمعت أنّ الغناء بنفسه ممّا قد علّق عليه الحكم في الشريعة ، وأنّ حرمته ضروري من المذهب ، فإناطة الحرمة على
__________________
(١) المكاسب بتحقيق الكلانتر ط النجف ج ٣ ص ٢١٥ ـ ٢٢٤.