صدق اللهو وجودا وعدما التزام بعدم ثبوت الحكم الحرمة للغناء في الشريعة.
فإن قلت : صريح كلامه هو الحرمة ، غاية الأمر تعليله بكونه لهوا وزورا وباطلا ، وهذا لا ينافي الحكم ، بل هو مستفاد من الأدلّة.
قلت : الجهة في المقام تقييديّة تفيد تغاير الموضوع واختلافه ، والحاصل أنّ الحكم عنده ثابت للهو وإن لم يكن غناء ، لا للغناء وإن لم يكن لهوا ، فالغناء من حيث هو لا حرمة له في الشريعة كما صرّح معلّلا بعدم الدليل ، وقد مرّ أنّ أدلّة حرمة الغناء غير منحصرة في الأخبار المفسّرة للآيات ، بل هناك أدلّة أخرى من الضرورة ، والإجماع ، والأخبار.
على أنّ التمسّك بتلك الأخبار أيضا غير متوقّف على صدق اللهو والباطل عندنا ، سيّما مع القطع على عدم الإناطة على مصاديقهما العرفيّة.
مضافا إلى أنّ حرمة اللهو بمصاديقه العرفيّة غير ثابت قطعا ، ولذا قال سلّمه الله في موضع آخر بعد إقامة جملة من الأدلّة على حرمته : ما لفظه : لكنّ الإشكال في معنى اللهو فإنّه إن أريد به مطلق اللعب كما يظهر من «الصحاح» و «القاموس» فالظاهر أنّ القول بحرمته شاذّ مخالف للمشهور والسيرة ، فإنّ اللعب هي الحركة لا لغرض عقلائى ، ولا خلاف ظاهرا في عدم حرمته على الإطلاق.
نعم لو خصّ اللهو بما يكون من بطر ، وفسرّ بشدّة الفرح كان الأقوى تحريمه ، ودخل في ذلك الرقص ، والتصفيق ، والضرب بالطست بدل الدفّ ، وكلّما يفيد فائدة آلات اللهو.
ولو جعل مطلق الحركات الّتي لا يتعلّق بها غرض عقلائي مع انبعاثها عن