__________________
والشين ، والظاء ، والفاء.
لأنا نقول : لعل ذلك للإشارة إلى أن الكمال المعنوي لا يلزمه الكمال الصوري ، ولا ينقصه نقصانه ، وكانت سبعة موافقة لعدد الآي المشتمل على كثير من الأسرار وكانت من الحروف الظلمانية التي لم توجد في المتشابه من أوائل السور ويجمعها بعد أسقاط المكرر (صراط علي حق نمسكه) وهي النورانية المشتملة عليها بأسرها الفاتحة للإشارة إلى غلبة الجمال على الجلال المشعر بها تكرر ما يدل على الرحمة في الفاتحة ، وإنما لم يسقط السبعة الباقية من هذا النوع فتخلص النورانية ليعلم أن الأمر مشوب ، (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) (الأعراف : ٩٩) وفي قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) (الحجر : ٤٩) إشارة وأي إشارة إلى ذلك لمن تأمل حال الجملتين.
على أن في كون النورانية وهي أربعة عشر حرفا مذكورة بتمامها والظلمانية مذكورة منها سبعة وإذا طوبقت الآحاد بالآحاد يحصل نوراني معه ظلماني ونوراني خالص إشارة إلى قسمي المؤمنين فمؤمن لم تشب نور إيمانه ظلمة معاصيه ، ومؤمن قد شابه ذلك ، وفيه رمز إلى أنه لا منافاة بين الإيمان والمعصية ، فلا تطفئ ظلمتها نوره ، وأما حديث «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» فمحمول على الكمال.
وإذا لوحظ الساقط وهو الظلماني المحض المشير إلى الظالم المحض الساقط عن درجة الاعتبار والمذكور وهو النوراني المحض المشير إلى المؤمن المحض ، والنوراني المشوب المشير إلى المؤمن المشوب يظهر سر التثليث في (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) «فاطر : ٣٢».
وإنما كان الساقط هذه السبعة بخصوصها من تلك الأربعة عشر ولم يعكس ، لسر علمه من علمه وجهله من جهله ، نعم في كون الساقط معجما فقط إشارة إلى أن الغين في العين والرين في البين فلهذا وقع الحجاب وحصل الارتياب.
وللعلامة فخر الدين الرازي في هذا المقام كلام ليس له في التحقيق أدنى إلمام ، حيث جعل سبب إسقاط هذه الحروف أنها مشعرة بالعذاب. ولا يخفى ما في كلامه وجوابه لا يغنيه ولا ينفعه إذ لقائل أن يقول : فلتسقط الذال ، والواو ، والنون ، والحاء ، والعين ، إذ هي من الذل والويل والنار والحميم ، والعذاب وتكون الفائدة في إسقاطها كالفائدة في إسقاط تلك من غير فرق أصلا ، وأما نسبته لأمير المؤمنين كرم الله وجهه حين سأل قيصر الروم معاوية عن