العقول في عشرة أو عشرين ، بل العقول كما بيّنه شيخ الإشراق (١) يحصل منها مبلغ كثير على الترتيب الطولي ، ويحصل من تلك الطبقة على نسب بينها طبقة اخرى عرضية تجري مجرى الفروع يحصل من الفروع الأجسام الفلكية والعنصرية من البسائط والمركبات.
رابعها : أنّ أرباب الطلسمات إذا بالغوا في التجريد والتفريد والرياضة والانخلاع عن الشواغل الجسمانية والاتصال بالمجردّات النوارنية يحصل لهم قوة الاقتدار على تسخير أرباب النوع فينفذ عليها أمرهم ويجري فيها مشيتهم ولذا ترى أو تسمع أنّ بعضهم رفع الطاعون عن بعض البلاد وحبسه منهم ما دام حكم الطلسم باقيا ، وبعضهم حبس البقّ عن أرض معينة ، وقد صنع بعضهم قدحا مملوا ماء يشرب منه العساكر العظام فلا ينقص منه شيء ، وبعضهم حوضا على باب النوبة من رخام أسود ولا ينقص على الدهر ، وجميع أهل المدينة يشربون منه ولا ينقص ماؤه ، وإنما صنع لهم ذلك لبعدهم عن النيل ، وقربهم من البحر المالح.
والمعروف في الألسنة عن شيخنا البهائي رحمهالله أنه حبس الطاعون عن أصبهان.
وسمعت عن بعض الثقات أنّ المير فندرسكي (٢) حبس البقّ عن حجرته التي كان مقيما فيها بأصبهان ، حتى أنّ بعض الأعاظم أراد امتحان ذلك فوضع فيها الحلاوات من العسل وغيره فلم يقربه البقّ أصلا.
__________________
(١) هو شهاب الدين أبو حفص السهروردي ، قتل بقلعة حلب في أواخر سنة (٥٨٦) وله من العمر نحو (٣٦) سنة ، وله تصانيف منها «حكمة الإشراق». ـ معجم المؤلفين : ج ٧ ، ص ٣١٠.
(٢) هو أبو القاسم الميرفندرسكى الفيلسوف المتأله المتوفى سنة (١٠٥٠) ه.