وقد ذكر الفاضل الجلدكي (١) في كتاب «البرهان في علم الميزان» أنّ من طلاسم جلب المنافع ما في دير الزرازير بالروم ، فإنّه صنع قبة هائلة وحولها محيط كبير بجدران قائمة ، ووضع على رأس القبة زرزورا (٢) له جسم مختلط تحت كل من أرجله صفة زيتونة وهو ماسك لها بأظفاره ، ثم ركّبه على أعلى القبة في وقت رصده وطالع اختاره ، فكلّما ينقضي العام ، ويأتي مثل ذلك اليوم الذي كان في نصب هذا الطلسم تأتي الزرازير من أقطار الدنيا من غامض علم الله تعالى بعدد لا يحصى لكثرته ، وكل طائر منها في منقاره زيتونة سوداء ، وفي رجله زيتونتان ، فيلقي الثلاث زيتونات على رأس الطلسم الذي في أعلى القبة ، فيجتمع من ذلك الزيتون في ذلك اليوم الواحد في ذلك المحيط شيء كثير فيعصرونه زيتا ، ويأكلون منه من العام ـ العام في تلك الأماكن التي ليس بها شيء من شجر الزيتون أصلا لقوة البرد هنالك ، فليت شعري من أين تنقل تلك الزرازير ذلك الزيتون الذي تحمله لذلك الطلسم ، وليت شعري ما السبب المسخر لها والمحرك لأن تفعل ذلك ، وليت شعري هل هن زرازير؟ أم أرواح روحانية متطورة على صفاتها؟ وهل ينقلون ذلك الزيتون من محظور أو مباح؟ وربما أقامت الزرازير تنقل الزيتون إلى ذلك اليوم من اليوم إلى مدة سبعة أيام».
إلى أن قال : ومن جلب المنافع أيضا ما هو مشاهد إلى الآن في ساحل مدينة يافا (٣) من اجتماع الأسماك من جميع أنواعها إلى طلسم موضوع لهم هنالك.
ومن العجب أنّ الجهّال يظنّون أنّ السمك يحجّون إلى ذلك المكان من العام
__________________
(١) هو أيد مر بن علي بن أيدمر الجلدكي عز الدين كان من علماء الكيمياء ، توفي بالقاهرة سنة (٧٤٣) أو (٧٥٠) أو (٧٦٢). ـ معجم المؤلفين : ج ٣ ، ص ٢٨.
(٢) الزرزور ـ بضم الزائين ـ : طائر أكبر من العصفور.
(٣) مدينة في قرب بحر الروم ـ المسمى مديترانة بالفارسي ـ.