يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١).
وقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ...) (٢).
وقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) (٣).
وقال : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) (٤).
وورد في موضعين من القرآن شهادة الأدوات والجوارح كالأيدي والأرجل (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٥).
ولذا قال شيخنا المجلسي رحمهالله على ما حكاه عن بعضهم في الآية الثالثة : «إنّ هذه الآية تدلّ على أنّ العالم كلّه في مقام الشهود والعبادة إلا كلّ مخلوق له قوة التفكر ، وليس إلّا النفوس الناطقة الإنسانية والحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم ، لا من حيث هياكلهم ، فإنّ هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له والسجود ، فأعضاء البدن كلّها مسبّحة ناطقة ، ألا تراها تشهد على النفوس المسخّرة لها يوم القيامة من الجلود والأيدي والأرجل والألسنة والسمع والبصر وجميع القوى.
ثم قال المجلسي قدسسره : والأرواح والنفوس أيضا لها جهتان : فمن جهة مسخرة منقادة لربها في جميع ما أراد منها ، ومن جهة أخرى عاصية مخالفة لربها بل من هذه الجهة أيضا مسخرة ساجدة خاضعة لإرادة ربها حيث أقدرها على ما
__________________
(١) الإسراء : ٤٤.
(٢) الحج : ١٨.
(٣) النور : ٤١.
(٤) سبأ : ١٠.
(٥) فصلت : ٢١.