عبوديته ، ولذا قال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ...) (١).
وقال بعد الأمر بالاستعاذة به منه : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (٢).
وفي هذه الآية انفصام لظهور أرباب العصيان ، لدلالتها على انتفاء الإيمان بمجرد إطاعة الشيطان ، وإنه ليس له سلطان إلا على المشرك بالرحمن ، وذلك للأخبار المستفيضة الدالة على أنّ «من أصغى إلى ناطق عبده فإن كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان» (٣).
و «أن من أطاع المخلوق في معصية الخالق فقد عبده أو فقد أشرك» (٤).
كما قال الله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (٥).
فعن الصادق عليهالسلام : «أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ، ولكن أحلّوا لهم حراما ، وحرّموا عليهم حلالا ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون» (٦).
بل يستفاد من قوله تعالى ، خطابا للمجرمين الممتازين : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ، وَأَنِ اعْبُدُونِي
__________________
(١) الإسراء : ٦٨.
(٢) النحل : ٩٩ ـ ١٠٠.
(٣) بحار الأنوار : ج ٧٢ / ٢٦٤ ، وفيه : وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.
(٤) بحار الأنوار : ج ٧٢ / ٩٤ ، عن تفسير علي بن إبراهيم عن الصادق عليهالسلام.
(٥) التوبة : ٣١.
(٦) الكافي : ج ٢ / ٣٩٨.