بالروح كان أتقى ، ومن كان أتقى كانت عبادته أخلص وأطهر ، ومن كان كذلك كان من الله أقرب ، وكلّ عبادة غير مؤسّسة على التقوى فهو هباء منثور ، قال الله عزوجل (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) (١).
الآية وتفسير التقوى ترك ما ليس بأخذه بأس ، وهو في الحقيقة طاعة وذكر بلا نسيان ، وعلم بلا جهل ، مقبول غير مردود (٢)
أقول : الأخبار في فضل التقوى وشرح مراتبه ودرجاته كثيرة جدّا ، وستسمع إن شاء الله شطرا منها مضافا الى ما سمعت في تفسير الآيات المتضمّنة لذكره.
وجوه إعراب الآية
أمّا (الم) فقد ظهر ممّا تقدّم أنّه يجوز فيه الرفع على الابتداء باعتبار من اسماء القرآن أو السورة ، أو بتأويل المؤلّف من الحروف المتداولة ، وخبره (ذلِكَ الْكِتابُ).
أو على الخبريّة بتقدير مبتدء أي هذا المؤلّف ، أو المتلو ، أو المقروء ، أو المنزل ، ونحوها.
أو الفاعليّة لفعل مقدّر بناء على كونها من أسماء الله سبحانه ، وكونها محذوفة الأعجاز المكتفي عنها بصدورها لو قلنا بجواز الإسناد إليها حينئذ ، فكأنّه قال : قال الله اللطيف المالك ، أو أنزل ، ونحوه.
__________________
(١) سورة التوبة : ١٠٩.
(٢) بحار الأنوار ج ٧٠ ص ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ح ٤١ عن مصباح الشريعة ص ٥٦ ـ ٥٧.