المعتزلة : إنّ الفاسق لا مؤمن ولا كافر ، واثبتوا له منزلة بين المنزلتين ، وقال الحسن البصري : إنّه منافق ، وقالت الزيديّة : إنّه كافر نعمة ، وقالت الخوارج : إنّه كافر ، والحقّ ما ذهب إليه المصنّف ، وهو مذهب الإماميّة والمرجئة ، وأصحاب الحديث ، وجماعة الأشعريّة من أنّه مؤمن (١).
إلى غير ذلك من كلماتهم الصريحة أو الظاهرة في إطباق الإماميّة عليه ، بل وافقنا فيه كثير ممن خالفنا مستدلّين بظواهر كثير من الآيات ، ملخّصها لعطف عمل الصالح عليه ، واقترانه بالمعاصي في قوله تعالى :
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (٢).
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) (٣).
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) (٤) ، وغيرها من الآيات الكثيرة.
الإطلاق الثاني للإيمان هو الإقرار بالعقائد الحقّة المتقدّمة مع الإتيان بجملة من الفرائض ، أو خصوص ما ثبت وجوبه من القرآن وترك الكبائر الّتي أوعد الله عليها النار.
وعلى هذا المعنى أطلق الكافر على تارك الصلاة والزكاة والحجّ ، إن لم تكن الأخبار محمولة على صورة الاستحلال ، ويحمل عليه أيضا ما ورد من أنّه لا يزني
__________________
(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ص ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ط قم المصطفوي.
(٢) الحجرات : ٩.
(٣) البقرة : ١٧٨.
(٤) التوبة : ٣٨.