بهذه الآية من حيث دلالة عطف إقامة الصلاة وغيرها على المغايرة ، وبالنبوي صلىاللهعليهوآلهوسلم : الايمان سرّ وأشار الى صدره ، والإسلام علانية ، قال : وقد يسمّى الإقرار إيمانا كما يسمّى تصديقا ، إلّا أنّه متى صدر من شكّ أو جهل كان إيمانا لفظيّا لا حقيقيا ، وقد يسمّى أعمال الجوارح أيضا ايمانا استعارة وتلويحا كما يسمّى تصديقا كذلك ، فيقال : فلان يصدّق أفعاله مقاله ، ولا خير في قول لا يصدّقه الفعل ، والفعل ليس بتصديق حقيقي باتّفاق أهل اللغة ، وإنّما استعير له هذا الإسم على الوجه الّذي ذكرناه ، فقد آل الأمر مع صحّة الرضوي الّذي رواه الخاصّ والعامّ من أنّه هو التصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالأركان ، وأنّه قول مقول ، وعمل معمول ، وعرفان بالعقول ، وإتباع الرسول الى أنّ الإيمان هو المعرفة بالقلب والتصديق به على نحو ما تقتضيه اللغة ، ولا يطلق لفظه إلّا على ذلك ، إلّا أنّه يستعمل في الإقرار باللسان او العمل بالأركان مجازا واتّساعا (١) ، انتهى كلامه زيد مقامه.
ثم إنّك بعد الإحاطة بما قرّرناه لا يخفى عليك ضعف سائر الأقوال في المسألة وإن أنهاها بعضهم الى عشرة فصاعدا إلا أنّ الجميع مشترك في الضعف مردود بإجماع الإماميّة على خلافه بعد الكتاب والسنّة وإن ذهب إليها بعض المخالفين والخوارج والنصّاب.
الإيمان بالغيب
ـ تبصرة ـ : انظر كيف بدء الله سبحانه في أوّل هذه السورة الّتي هي أساس القرآن ، وهو مفتتح كتابه بأنّه هو النور المبين وهو هدى للمتقين ، ثمّ سمّاهم
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٣٨ ـ ٣٩.