والتصديق بالأصول الحقيقيّة ، والعقائد الايمانيّة تفصيلا أو إجمالا ولو على وجه التسليم وردّ العلم بالتفصيل أو الكيفيّة إلى عالمه.
ولذا ورد في أخبار كثيرة الأمر بالتسليم وترك الإنكار فيما يعجز عقولنا عن إدراكه والإحاطة بكيفيّته كمعرفته سبحانه ، وكون صفاته عين ذاته بلا مغايرة اعتبارية ، إلى غير ذلك من غرائب علم التوحيد ، وغرائب أحوال النبيّ والأئمّة صلّى الله عليهم أجمعين من بدء كينونتهم واتحادهم في عالم الأنوار واحاطتهم الكليّة على ما في صقع عالم الأكوان ، وكينونة سائر الأنبياء والملائكة من فاضل طينتهم ، وأنّ قائمهم المهدي عجّل الله فرجه الشريف يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا. وغير ذلك من أطوار البرزخ وأحوال القيامة وأهوالها ، والجنة والنار ممّا علم من الدين إجمالا او تفصيلا ، فإنّ ذلك كلّه من الإيمان بالغيب الّذي يتبعه العبوديّة والعمل الصالح من حيث الشدّة والضعف والزيادة والنقصان.
البداء ودفع الإشكال
لعلّك يختلج في بالك أنّ من الغيب الّذي يلزمنا الإيمان به هو القول بالبداء ، فإنّه ما عبد الله عزوجل بشيء مثل البداء (١) ، وما عظّم سبحانه بمثله (٢) ، وما بعث الله تعالى نبيّا قطّ حتى يأخذ عليه الإقرار بالعبوديّة وخلع الأنداد ، وأنّ الله تعالى يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٤ ص ١٠٧ ح ١٩ عن توحيد الصدوق.
(٢) البحار ج ٤ ص ١٠٧ ح ٢٠ عن توحيد الصدوق.
(٣) البحار ج ٤ ص ١٠٨ ح ٢١ عن توحيد الصدوق.