فلا يخفى ما فيه من البعد والتكلّف من وجوه عديدة سيّما بعد ما سمعت من المعاني المستفادة من الأخبار.
تفسير
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)
الرزق في اللغة هو الحظّ والنصيب من الخير أو مطلقا ، ومنه قوله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (١).
وفي الصحاح إنّه ما ينتفع به ومثله في القاموس وغيره ، والمصدر بالفتح ، قيل : ويكسر أيضا ، وخصّص عرفا بتخصيص الشيء بالحيوان ، أو بسوق الله الى الحيّ ما يتمكّن من الانتفاع به ، لكن الأشهر تفسيره بالمختص والمسوق على أنّه بمعنى المرزوق ، نعم خصّه بعضهم بالغذاء أو ما يؤكل ، او يؤكل ويستعمل ، أو ما يملك ، أو ما يقع الانتفاع به.
وفي المجمع إنّه العطاء الجاري ، وهو نقيض الحرمان ، لكنّه لا ينبغي التأمّل في شموله للغذاء وغيره كما يقال : رزقني الله ولدا وعلما ، والمأكول والمبذول لقوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) وللملوك وغيره كما لو أبيح له الأكل من مال غيره ، سواء قلنا بحصول الملك عند النفع او التلف أو لا كما هو الأظهر ، وكالمصروف في غذاء البهائم فإنّه أرزاقهم.
ولا ينبغي التأمّل أيضا في اختصاص صفة الرازقيّة بالله سبحانه ، فإنّه تعالى هو الرازق ، ولا ينبغي الإصغاء إلى ما يحكى عن بعض المعتزلة من التفصيل في
__________________
(١) الواقعة : ٨٢.