ذلك بأنّه إن جعل بكدّ الحيوان وتعبه فهو رازق ولنفسه حقيقة ، والله سبحانه غير رازق له ، وإن حصل بدون كدّ وتعب فالرازق له هو الله سبحانه.
نعم قد يستعمل بمعنى الإطعام والتهليل ، ومنه قوله تعالى : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) (١) ، على أنّه قد نصّ في المجمع وغيره على أنّ الرازق هو خالق الرّزق.
الإنفاق لغة وتفسيرا
والإنفاق إفعال من نفق البيع بفتح الفاء أي راج ، أو من نفق الزاد كفرح ونصر بمعنى نفد وفني أو قلّ ، وأصله بمعنى الخروج والذهاب ، بل قيل : إنّه الأصل في كلّ ما وافقه في الفاء والعين كنفد ، ونفح بالمهملة والمعجمة فيهما ، ونفر ، ونفض ، ونفى ، وإن كان لا يخلو عن تكلّف في الكلّ أو البعض.
والإنفاق يستعمل لازما بمعنى الافتقار ، يقال : أنفق الرجل اي افتقر وذهب ماله ، ومنه : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) (٢) ، ويستعمل متعديا بنفسه ، وبالحروف بمعنى إخراج المال وبذله النفقة.
وهذه صفة ثالثة للمتقين على تقدير الصلة ، والواو تفيد الجمعيّة لاشتراط كلّ من هذه الأعمال على الآخر واحراز الجمع في معنى التقوى.
وحمل الموصولة على الزكاة المفروضة كما عن بعضهم ، أو نفقة الرجل على أهله نظرا إلى نزول الآية قبل وجوب الزكاة كما عن آخر ، أو التطوع بالنفقة كما عن ثالث.
__________________
(١) النساء : ٨.
(٢) الإسراء : ١٠٠.