برسول الله ظانّين أنّهم على الهدى في العاجل طامعين أنّهم ينالون الفلاح في الآجل.
أو أنّها مستأنفة إن لم يكن شيء من الموصولين مفصولا ، بل جعل الأوّل صفة للمتقين ، والثاني معطوفا عليه.
استينافا نحويّا ، فكأنّه فذلكة ونتيجة للأحكام والصفات المتقدّمة ، مع ما فيها من البشارة لهم بنيل الفلاح ، بل اختصاصهم به من بين الأنام.
أو استينافا بيانيّا بكونه جوابا عن سؤال مسائل ، كأنّه قيل : ما بال الموصوفين اختصّوا بالهدى؟ فأجيب بأنّ أولئك الموصوفين بتلك الصفات هم المستحقّون دون غيرهم للاتّصاف بالهداية ونيل الفلاح.
وهاهنا وجه آخر ، وهو أن تكون الجملة إشارة الى ما لهم من الجزاء والثواب ، فالهدى هدى إلى الجنّة والرضوان في الآجل ، كما أنّ الكتاب هدى لهم في العاجل ، ولذا قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) (١) ، فختم لهم بالهداية لمّا اختاروها أوّلا.
تفسير الآية (٥)
(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
إشارة إلى ما أشير إليه بالأوّل ، والتكرير للتشريف ، إذ في اشارة الله تعالى إليهم تنويه لقدرهم ، وإعلاء لشأنهم.
وفي تفسير الإمام عليهالسلام : ثم أخبر عن جلالة هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات
__________________
(١) الأعراف : ٤٣.