القول به فيما عدى المعجزات ظاهرا بل صراحا ، مع أنّ القول به قول بما لا يعلم ، إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما تعلم.
وما ورد من الأخبار الدالّة على ذلك كخطبة البيان وأمثالها فلم يوجد إلّا في كتب الغلاة ، وأشباههم ، مع أنه يحتمل ان يكون المراد كونهم علة غائية لإيجاد جميع المكونات ، وأنه تعالى جعلهم مطاعين في الأرضين والسماوات ، ويطيعهم باذن الله كل شيء حتّى الجمادات ، وأنّهم إذا شاءوا امرا لا يردّ الله مشيّتهم ، ولكنّهم لا يشاءون (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
وأمّا ما ورد من الأخبار في نزول الملائكة والروح لكل أمر إليهم وأنّه لا ينزل ملك من السماء لأمر إلّا بدأ بهم فليس ذلك لمدخليّتهم في ذلك ولا للاستشارة ، بل له الخلق والأمر تعالى شأنه وليس ذلك إلّا لتشريفهم وإكرامهم واظهار رفعة مقامهم (١).
التفويض الموجب للكفر
أقول : امّا المعنى الأوّل فهو المتيقّن من التفويض الموجب للكفر لانتهائه الى الغلوّ بل هو الظاهر من اللفظ أيضا كما هو المحكيّ عن المفوّضة على اختلاف أقوالهم في ذلك ، فمنهم من قال : إنّ الله تعالى خلق محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وفوّض إليه خلق الدنيا ، فهو الخلّاق لما فيها ، وعن أخر أنّه تعالى فوّض ذلك إلى عليّ عليهالسلام ، وعن ثالث تفويضه إليهما ، وعن رابع وهم المخمّسة أنّ الله فوّض الأمر الى سلمان ، وابي ذر ، والمقداد ، وعمّار ، وعمرو بن أميّة الصيمري ، فهم المدبّرون للدنيا الى غير ذلك
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٣٢٦ ـ ٣٤٨.