ظاهرة في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا جرم حسن ذلك ، وأقصى ما في الباب أن يقال : لو وجدت هذه القرينة لعرفناها ، وحيث لم نعرفها علمنا أنّها ما وجدت ، إلا أنّ هذا الكلام ضعيف لأنّ الاستدلال بعدم الوجدان على عدم الوجود من أضعف الأمارات المفيدة للظنّ فضلا عن القطع (١).
وعقيب كلامه هذا قال : إذا ثبت ذلك ظهر أنّ استدلال المعتزلة بعمومات الوعيد على القطع بالوعيد في نهاية الضعف ، والله اعلم. وهو كما ترى.
شأن نزول الآية
الأمر الثالث : اختلف المفسّرون في شأن نزول الآية : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) قيل : إنّها نزلت في قوم من أخبار اليهود ممّن كفر بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عنادا وكتم أمره حسدا وبغيا.
وقيل : نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته قتلوا يوم بدر.
وقيل : نزلت في مشركي العرب أو قريش.
وقيل : هي عامّة في جميع الكفّار وأخبر الله تعالى بأنّ جميعهم لا يؤمنون ، فلا ينافيها إيمان بعضهم ، فهو كقول القائل : لا يقدم جميع إخوتك اليوم ، فلا ينكر إن يقدم بعضهم.
وهذا الوجه ضعيف جدّا ، والتخصيص بشيء من الوجوه المتقدّمة غير ثابت ، وقضيّة العموم شمولها تنزيلا لمن كان على هذه الصفة ، غاية الأمر أنّ قوله :
__________________
(١) مفاتيح الغيب لفخر الرازي ج ٢ ص ٣٩.