جواب شبهة العلم والإخبار
فنقول : يمكن الجواب عنها بوجوه :
الأول : معارضتها بالآيات الكثيرة الدالّة على أنّه (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (١) ، و (إِلَّا ما آتاها) (٢) ، وأنّه (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٣).
وعلى أنّه لا مانع لأحد من الإيمان ، وأنّهم يستحقّون الذمّ والإنكار بتركه كقوله تعالى : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) (٤) ، (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٥) (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦) ، (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) (٧) ، (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (٨).
فلو كانوا ممنوعين من الإيمان غير قادرين عليه لما استحقّوا الذمّ والعقاب ألبتة ، وكيف يجوّز من له حظّ من الشعور أن يأمر المولى عبده بالطيران في الهواء مع علمه بعجزه عن ذلك ، أو يكلّفه بالذهاب الى السوق مع حبسه عنه بحيث لا يقدر عليه ، ثم يذمّه ويعاقبه على العصيان والمخالفة.
ألا ترى أنّ العقلاء مطبقون حينئذ على ذمّه وتوبيخه والحكم عليه بارتكاب
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٦.
(٢) سورة الطلاق : ٧.
(٣) سورة الحج : ٧٨.
(٤) الإسراء : ٩٤ ـ الكهف : ٥٥.
(٥) سورة المدثر : ٤٩.
(٦) الانشقاق : ٢٠.
(٧) سورة النساء : ٣٩.
(٨) سورة الأعراف : ١٢.